الفرنسيين حتى في المواريث والأحوال الشخصية، وفي المواريث لا يحكم القضاة المسلمون في نوازل العقارات أو العروض مع العقارات لأنه أصبح يدخل في اختصاص قضاة التوثيق الفرنسيين، وانتزعت نوازل الجنح والجنايات وكل أنواع التأديب وأنواع المعاملات الأخرى من أيدي القضاة المسلمين، وقد جاء في إحدى مواد هذا القانون المتعلقة بشؤون الميراث، إن حكم القاضي المسلم ماض إذا كان رأس مال النازلة أقل من 500 فرنك، فإذا تجاوز ذلك المبلغ فإن حكم القاضي المسلم يعاد إلى المحكمة الابتدائية الفرنسية وجوبا.
وكانت نظرة الفرنسيين إلى موضوع القضاة نظرة ممزوجة بالسياسة والدين، فهم يعتبرون أنفسهم أصحاب السيادة حتى في الشريعة الإسلامية باعتبارهم ورثة الحكام المسلمين، ثم إن وزير العدل الفرنسي هو نفسه وزير الديانات (الأديان) أيضا، وكان الفرنسيون يدعون أنهم يأتون بالفائدة العامة للجزائر كلما وسعوا من أحكامهم فيها، ولو على حساب الشريعة الإسلامية (?). ومهما كان الأمر فإن التضييق من صلاحيات القضاة المسلمين الرسميين قد أدى إل التوسع لدى قضاة الريف الأحرار (المرابطين) الذين يصلحون بين الناس، دون الرجوع إلى المحاكم الفرنسية.
ولقد افتتح عقد التسعينات بالاهتمام بشؤون الجزائر من قبل الحكومة الفرنسية، بما فيها شؤون القضاء الإسلامي، ونشطت الجهات الجزائرية في رفع صوتها واحتجاجها على التعدي على ما رأته من اختصاصات الشريعة، ولا سيما من قسنطينة، وكانت الفرصة قد سنحت عندما زارت الجزائر لجنة مجلس الشيوخ (لجنة 18) سنة 1892، فقد قدمت إليها عرائض ورسائل الشكوى واستمعت اللجنة إلى زعماء الرأي العام الجزائري في مختلف المدن، وكان من أبرز المتكلمين أمامها محمد بن رحال (ندرومة) الذي تولى