خلال الخمسينات والستينات من القرن الماضي كان ابن باديس عضوا في مختلف اللجان الرسمية، وفي السبعينات أصبح مستشارا عاما في مجلس ولاية قسنطينة (?). وسلم في منصبه كقاض يمكن نقله إلى أي مكان، واستلم بدله وظيفة مساعد أو معاون (أساسور) في محكمة قسنطينة (تريبونال) بعد إنشائها طبقا للتغيير الجديد (1866). أما دوره في الإشهار والدعاية الإعلامية لقضية الإسلام والجزائر، فقد دل على تقديره لأهمية الصحافة التي لم يبدأ الاهتمام بها عند الآخرين في ذلك الوقت، ويعتبر من أوائل السياسيين الجزائريين الذين استعملوا هذه، الوسيلة مستفيدا من تجربة الأوربيين فيها، وهذا دليل على تقديره للكلمة المكتوبة، والدارس لخطبه في المجلس العام بالولاية وما أصدره من كتيبات ونشرات تبرهن على أن الرجل كان مركزا على ثلاثة عناصر: الأول: توسيع التمثيل السياسي للمسلمين في مختلف المجالس النيابية، من البلدية إلى البرلمان، والثاني: معارضة القوانين الجزرية الصادرة ضد الأهالي، أي تلك المسماة (كود دو لاندجينا). أما الثالث: فهو مكافحة التجنيس الجماعي للمسلمين، وعلاقة النقطة الأخيرة بالقضاء الإسلامي واضحة، لأن التجنس يعني التخلي عن الأحوال الشخصية، ومن خطبه في المجلس العام تلك التي ألقاها حول التمثيل السياسي في 17 أكتوبر 1881 في الوقت الذي كان البير قريفي على رأس الحكومة العامة بالجزائر (?).
من الكتيبات التي نشرها المكي بن باديس سنة 1875 ذلك العمل الذي سماه (بيان القوانين الردعية المطبقة على اللصوص في الأرياف الجزائرية). وكان يريد به الدفاع عن الشريعة الإسلامية والمطالبة بتطبيقها على الأهالي