الحكم في الأمور الجنائية والتجارية والمدنية (الأحوال الشخصية). ولكن طلب منهم الاحتفاظ بسجلات ووثائق الأحكام، ومنذ 1838 بدأ التذمر من أحكام المحاكم الإسلامية، وأخذ النقد يتوالى، ومن ذلك الصعوبة في فهم اللغة العربية، وتساهل القضاة المسلمين في أحكامهم مع المتنازعين، وكثرة الأحكام بالبراءة، وقد اتهموا القضاة بأنهم كانوا يتساهلون مع الذين يأتون إليهم مباشرة، ولكنهم يتصعبون مع الذين تحولهم عليهم السلطة الفرنسية، ومن أوجه النقد الهامة في نظر الفرنسيين أن القضاة المسلمين لا يستطيعون إصدار الأحكام في القضايا الجنائية إذا وقع التسامح بين الخصمين، وبالإضافة إلى ذلك فإن وجود المحاكم الفرنسية إلى جانب المحاكم الإسلامية جعل بعض الجزائريين يقارنون ويرون أن أحكام المحاكم الأولى أكثر دقة وجدية - هكذا يقول النقاد الفرنسيون عندئذ، وربما شكا بعض الغاضبين من حكم القاضي المسلم إلى السلطة الفرنسية فاغتنمت هذه الفرصة أيضا ضد القضاة المسلمين عموما، وهكذا، وقد أضيف إلى ذلك أن القضاة المسلمين لم يعملوا بمرسوم 10 غشت 1834 في حفظ السجلات والوثائق (?).

وكان هذا النقد في جملته تحضيرا لبداية تجريد المحاكم الإسلامية من اختصاصاتها وتحويلها إلى المحاكم الفرنسية، فالفرنسيون يريدون لغتهم هي لغة القضاء كله، وهم يربطون بين اللغة وبين السيادة، وكذلك أحسوا أن أحكام القضاة المسلمين متهاونة أو متساهلة وهي تنتهي بحكم البراءة والصلح بين المتخاصمين، وهم (الفرنسيون) لا يريدون ذلك، بل يريدون التشدد وقبض المقابل من المتخاصمين، ولعلهم فسروا تساهل القضاة المسلمين بأنه موقف سياسي ضد الاحتلال هدفه التعاون بين الجزائريين، وكان إنشاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015