ومنذ 1847 كانت جريدة المبشر الرسمية ترغب الحجاج بعدم السفر إلا عن طريق الإدارة الفرنسية، وكانت تعلن لهم أن لفرنسا قناصل مهمتهم حماية الحجاج الجزائريين باعتبارهم رعايا فرنسيين، وهؤلاء القناصل، حسب قولها، منتشرون في مصر والشام والحجاز، وقالت إن أخذ الحاج تذكرة السفر الفرنسية (هي حمايتكم، وبها يعتزون، وفي ذلك فائدة عظيمة) (?). ويبدو أن ذلك مجرد (إعلان) رسمي فقط من المبشر، أما الإدارة نفسها فقد كانت تمنع إعطاء الرخص للحج عندئذ، ولا سبيل إليه إلا عن طريق الهروب والتعامل مع الشركات الإنكليزية وغيرها، وقد نشرت (المبشر) خبرا عن الطرق التي يسلكها الحجاج إذا سافروا مع السفن الفرنسية، فهي حسب قولها: طريق الإسكندرية، وثمن التذكرة في الدرجة الأولى 484 فرنك ونصف، والدرجة الثانية 313 ف ونصف، والثالثة 146 ف ونصف، أما طريق بيروت فتذكرة الدرجة الأولى فيه 495 ف ونصف، والثانية 338 ف ونصف، والثالثة 153 ف ونصف، وهناك أيضا طريق يافا وتذكرته الأولى 522 ف ونصف، والثانية 349 ف ونصف، والثالثة 158 ف ونصف، ثم طريق مرسيليا التي تسافر منها البواخر مرتين في الشهر (?).
وكان الحجاج الجزائريون يخضعون لضغوط مختلفة في الحجاز، فهم يجدون إخوانهم الذين سبقوهم إلى هناك واستقروا في المدينة أو مكة، كما يجدون أولئك الذين هاجروا إلى بلاد الشام مع الأمير عبد القادر أو قبله يؤدون فريضة الحج، وكثيرا ما يطلب هؤلاء من أولئك عدم الرجوع والبقاء في أرض الله الطاهرة، ولا شك أن الدولة العثمانية كانت ترغب الجزائريين في البقاء في المشرق، وكانت لها أطماع قديمة في الجزائر بعد أن ضيعتها سنة 1830، وإلى 1847 لم تعترف رسميا باحتلال فرنسا للجزائر، وفي سنة