أما بسكرة فقد عرفت بجامعها الواسع المتقن البناء ذي المئذنة الطويلة البالغة مائة وأربعين درجة. وقد لاحظ الدرعي أنها من أنجب المدن وأجملها (رفما رأيت .. أحسن منها في جميع المدن .. شرقا وغربا لوجود أسباب المعاش فيها) (?) ونفس الرأي في بسكرة قد أبداه قبله الرحالة العياشي أيضا (?) ولكن الأوضاع السياسة في بسكرة لم تكن مستقرة. وقد أشار الدرعي إلى أنه وجد مفتي بسكرة، الشيخ أبا القاسم البشكي البسكري، هاربا في سيدي عقبة خوفا من عاملها (?). وأكد ذلك الورتلاني حيث قال إن بسكرة قد أصيبت بغارات العرب (الأعراب) والترك، كما أصيبت بالوباء (?). وقال إن الأتراك قد استولوا على الأحباس (الأوقاف) والمدارس الكثيرة التي كانت ببسكرة، وأصبحوا يأكلون منها وينتفعون بها كالأملاك الحقيقية، وهي ليست لهم وليسوا من أهلها ولكنهم تمردوا وطغوا وجعلوا جميع الخطط الشرعية لهم ظلما (?). وهذا حكم قاس صدر عن الشيخ الحسين الورتلاني في القرن الثاني عشرو هو حكم قد أصدره ضدهم في قسنطينة أيضا وفي غيرها. وهو يدل على أن بسكرة كانت على عهد الدرعي والورتلاني تعاني من ظلم الولاة الأتراك.

وكانت عين ماضي موضع عناية العياشي أثناء رحلته، كما أنها أصبحت موضع عناية الدارسين بعد ظهور الطريقة التجانية بها. فقد حكم الدرعي على أن أهلها جميعا كانوا طلبة. وهو يقصد أنهم كانوا مشتغلين بالعلم. كما أنه لا يقصد بالطبع إلا الرجال، لأنه حكم على النساء حكما قاسيا حين قال إنهن كالبهائم (كدأب نساء هذه النواحي) وقال عنهن أيضا إنهن غير محجبات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015