والبيضاء والمجاهدة والمحروسة وغير ذلك من الألقاب الدينية والحربية.

ولم تكن مدينة الجزائر قبل العثمانيين خالية من العمران. حقا إننا لا نعرف بالضبط عدد مكانها ولا عدد منشآتها ولكن هناك أدلة على أنها كانت تضم الجامع الكبير الذي ما يزال قائما إلى اليوم، وعددا آخر من المساجد والزوايا والربط، بالإضافة إلى الحصون والدكاكين والمخازن والأسواق ونحو ذلك من أسباب العمران. وكانت أيضا موطنا لعدد من العلماء أمثال عبد الرحمن السطاح وأحمد بن هلال العروضي وعبد الله بن السكات ومحمد القلعي وأبي البركات الباروني وعبد الرحمن الثعالبي وأحمد الجزائري صاحب المنظومة الشهيرة (بالجزائرية)، وهو الذي ذكر مدينة الجزائر في الأبيات التي أوردناها في الفصل الأول والتي تدل على أنها كانت مدينة هنيئة العيش وافرة أسباب الراحة والعافية، ولكن الأحوال تغيرت عليها في وقته، ولذلك قال:

كدنا لأجل الحادثات بها ... نختار، والله، للسكنى بواديها

من بعد عيش هني عم ساكنها ... وبعد عافية حلت بناديها

ويبدو أن نمو مدينة الجزائر كان سريعا خلال القرن العاشر (?). ففي نهاية هذا القرن كان أهلها، وكذلك الرحالة والواصفون، يسمونها (إسطانبول الصغرى) لكثرة أسواقها وتجارها ووفرة عمرانها وسكانها. فقد وصفها التمغروطي عندئذ (سنة 999) بأنها كانت عامرة كثير الأسواق كثيرة الجند حصينة لها ثلاثة أبواب وفيها المسجد الجامع الواسع وإمامه مالكي، كما فيها ثلاثة جوامع خطبة أحدها للترك وإمامه حنفي ومرساها عامر بالسفن، وهي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015