تقنيات وأفكار أوروبا (ولا نقول إنسان أوروبا لأن هذا قد هاجمهم عدة مرات من قبل) في عقر دارهم في الحملة الفرنسية على مصر ثم على الجزائر. وأول من نعرف أنه قد وصف تأثير الحملة الفرنسية على مصر والشام هو أبو راس الناصر الذي لم ينبهر بتقدم الفرنسيين العلمي والتقني وإنما هزه ما ارتكبوه من أعمال ضد الإسلام وضد المجتمع المصري المسلم. (?) أما محمد بن محمود بن العنابي فقد تأثر بتقدم الأوروبيين ودعا إلى تقليدهم ومجاوزتهم فيما ابتدعوه من الصنائع والعلوم. (?) وهو أول من نادى بذلك من الجزائريين حسب علمنا، وكلا الرجلين (أبو راس وابن العنابي) عاش في أواخر العهد العثماني (?).

ولم تكن المدن الجزائرية كالمدن الأوروبية. فإذا كانت هذه قد أخذت في النمو المطرد نتيجة للعمران وتزايد السكان وازدهار التجارة وبداية الصناعة والحماية الصحية ووفرة رؤوس الأموال وانتشار التعليم - فإن المدن الجزائرية كانت ما تزال تعيش بأسلوب العصور الوسطى الأوروبية، في شكلها على الأقل، قالشواع ضيقة والأبواب تغلق من الغروب إلى الشروق، وليس هناك بنوك ولا تنافس رأسمالي، ومن ثمة لم يكن هناك فنادق ولا مستشفيات بالمعنى المعمول به في أوروبا، ومراكز التعليم كانت تقليدية وضعيفة المردود. ولم تكن المطبعة ولا الصحف قد دخلت الجزائر خلال العهد العثماني.

لذلك لا نستغرب أن يكتب بعض الأوروبيين في القرن الثاني عشر (18 م) نقدا لاذعا. للحالة العقلية التي كان عليها المجتمع الجزائري في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015