ولدينا وثيقتان إحداهما تعود إلى أواخر القرن العاشر والثانية إلى القرن الثاني عشر، وكلاهما تثبت ما كنا نقول. فالأولى تتحدث عن كون السلطان قد أرسل هدايا إلى الجزائر فردت الجزائر بإرسال هدايا إلى السلطان والوزير والقبطان وغيرهم، بالإضافة إلى الجباية وأموال طائلة أخرى. كما تثبت الوثيقة أن قاضي الجزائر الحنفي كان ما يزال يأتي من إسطانبول ثم يعود حين تنتهي مدته أيضا، وأنه كان قد جاء إلى الجزائر وعاد منها بأبنائه ونسائه. ويدل ذلك من جهة أخرى على بداية التأثير العثماني، والمشرقي عموما، في المجتمع الجزائري وقد قدر الكاتب، وهو مغربي، الأموال التي كانت تحملها سفينتان إلى إسطانبول (بألف ألف مثقال). بينما قدرها آخرون (بثمانية عشر قنطارا ذهبا سوى الجوهر). غير أن السفينتين قد وقعتا في قبضة القراصنة المسيحيين. وقد أوضح الكاتب أيضا أن أجهزة الجزائر البحرية كانت أقوى من أجهزة إسطانبول. وهذا ما جعله يؤكد بأنه لو كان رياس (بحارة) السفينتين من الجزائريين لما وقعت في قبضة النصارى (?).

أما الوثيقة الثانية فقد كتبها عبد الرزاق بن حمادوش الجزائري وهو يذكر فيها أن الباشا إبراهيم قد أرسل (سنة 1145) إلى السلطان محمود خان هدية عظيمة فيها أربعون نصرانيا ومكاحل وستة آلاف ريال دراهم صغارا وأمورا أخرى نفيسة، وذلك لكي يأخذ الباشا لك منه (?). ومن الملاحظ أن الهدية لم تكن ردا على هدية كما كانت الهدية الأولى. وكان إبراهيم باشا سيحكم الجزائر على كل حال سواء جاءه الفرمان من السلطان أو لم يأته. فقد كان متأكدا أن السلطان لن يمانع في ذلك ما دام الوجق بالجزائر قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015