إن الثغرة الكبيرة في ميدان التعليم المسمى بالأهلي هي تخلي الحكومة الفرنسية عن تمويله ومنح تلك المسؤولية إلى سلطة البلديات. والمعروف أن الكولون والعناصر المعادية لتعليم الجزائريين هم الذين سيطروا على البلديات. ورغم أن ميزانية الدولة الفرنسية هي التي استوعبت أموال الأوقاف المخصصة في جزء كبير منها إلى التعليم، فإنها لم ترصد ميزانية قارة وهامة منها لهذا التعليم وإنما استوعبت أموال الأوقاف الإسلامية في أغراض أخرى غير إسلامية، ومنها تعليم الفرنسيين أنفسهم، والاكتفاء بتخصيص (معونة) سنوية تقدمها لميزانية الجزائر لتصرف في شكل مساعدات خيرية وليس بالضرورة عن التعليم. وبناء على القوانين الفرنسية فإن التعليم الفرنسي كان منذ 1848 يتبع وزارة المعارف (التربية والتعليم) أما التعليم الجزائري فظل يتبع وزارة الحرب التي يمثلها الحاكم العام. وبقي الصراع على أشده بين العسكريين والمدنيين الفرنسيين إلى 1870 حين تغلب المدنيون واستولوا على مقاليد الإدارة، وأبعدوا العسكريين إلى الأماكن النائية فقط والتي سميت بالمناطق العسكرية. وسيطر الكولون وممثلوهم على ميزانية الجزائر فوجهوها لصالح أبنائهم وأنشأوا لهم المدارس المخصصة لكل مرحلة تعليمية، من الابتدائي إلى الجامعي، وازدهر التعليم الفرنسي في الجزائر كما عرفنا، بينما ظل التعليم على اضطرابه وتدهوره بالنسبة للجزائريين لعدم وجود ميزانية. لقد كان الجزائريون هم الذين يدفعون الكثير لميزانية فرنسا ولا يجنون إلا القليل. وفي سنة 1886 قدرت الضرائب التي يدفعونهاب 6.300.000

طور بواسطة نورين ميديا © 2015