الجزائريين مدة العشرين سنة الأولى من الاحتلال قرروا إنشاء بعض المدارس التي تهدف إلى ما ذكرنا دون مواربة. وهي المدارس الابتدائية الست الأولى سنة 1850. ورغم التظاهر بوجود مادة حفظ القرآن فيها والعربية الدارجة فإن البرنامج الحقيقي كان فرنسيا، فالتلميذ عليه أن يدرس اللغة الفرنسية دراسة مباشرة بطريقة ذلك الوقت، أي بالعين والأذن، ثم يتعلم الحساب والتاريخ الفرنسي والجغرافية والتاريخ الطبيعي ومبادئ الزراعة، والأخلاق، والموازيين والمكاييل الفرنسية وطبقا للنظام الفرنسي. ويضاف للبنات أشغال الإبرة. فالمنهج كان فرنسيا وطبقا لما يجري في مدارس فرنسا نفسها، عدا مادة القرآن والعربية الدارجة الموكولتين إلى معاون مسلم. وللتمويه أنشئت لجنة لمراقبة المدرسة فيها المفتي أو القاضي (?).
وقد استعمل الفرنسيون ما أسموه بالطريقة الجديدة في تعلم اللغة وهو تلقينها إلى الطفل دون واسطة لغة الأم. واستغلوا ذلك في تعليم الفرنسية لأبناء الجزائر بدون واسطة العربية، وقالوا إن تلك هي الطريقة الطبيعية، وهي الأسرع والأعدل، حسب تعبير دوقا (?). وفي وقت لاحق نادي مارسيه بضرورة مراعاة بيئة الطفل وحضارته والجغرافية المحلية والحياة الاجتماعية والاقتصادية للسكان عند تعليم الأطفال الجزائريين. ولكن المناداة باستعمال الفرنسية المباشرة كانت هي الأقوى.
وبين 1887 - 1892 جرى درس المناهج والبرامج مجددا في ضوء الحماس للفرنسة الذي جاءت به الجمهورية الثالثة. وقد عالج نص سنة 1887 هذه النقطة. وهو النص الصادر عن لجنة تعرف بلجنة قسنطينة، لأن مقرها كان في هذه المدينة، وكان هدفها هو (وضع خطة الدراسات والبرامج للتعليم الابتدائي الأهلي في الجزائر) كما جاء في عنوان عملها. ويعتبرها الفرنسيون لجنة ذات قيمة كبيرة. وكانت مهتمة بدراسة أوضاع جميع