استمرار التهديد الأجنبي قد طبعا الحكم العثماني، على طوله، بالخوف الدائم من الخارج والاستبداد المطلق في الداخل. وكان لهذا وذاك أثره على حياة الثقافية، كما سنرى. فرغم تصفية الوجود الإسباني من مدينة الجزائر وجيجل وبجاية وعنابة ومستغانم ودلس فإنه ظل قائما في وهران والمرسى الكبير وكان وجوده مصدر قلق مستمر للسلطة والسكان. ويمكن القول إنه كان مصدر تحالف بينهم أيضا لأنه كان خطرا على كلا الطرفين. وهناك حروب كثيرة دارت بين الحكام العثمانيين والإسبان من أجل استرداد وهران ونحوها من بقايا الجيوب الإسبانية. ومن أهم ما نجح فيه العثمانيون إخراجهم الإسبان من وهران سنة 1119 (1708) ثم إخراجهم نهائيا. منها سنة 1205 (1791 م). إن هذا النزاع المستمر بين الجزائريين والإسبان قد أدى إلى إنتاج أدبي غزير كما لعب فيه الدين والتصوف والدروشة دورا رئيسيا (?).

أما الاستبداد فقد أدى بدوره إلى العنف في الحكم. ولعله هو أبرز سمات المظهر العسكري للوجود العثماني في الجزائر. فسواء نظرنا إلى شكل الحكم نفسه أو إلى علاقته بالسكان أو إلى الأحكام الصادرة عنه فإن ظاهرة العنف كانت هي البارزة في كل ذلك. وكان الحكام في البداية يأتون من إسطانبول (?) رفقة القاضي الحنفي وقضاة العسكر، وكانت مدة ولايتهم ثلاث سنوات غالبا، ثم يأتي من يخلفهم، وهكذا. وكان هؤلاء الباشوات (المبعوثون من السلطان) هم أهل الحل والعقد، بينما الوجق يسمع ويطيع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015