4 - إن الوضع بعد الحرب قد غير عقلية الجميع وأحدث مفاهيم جديدة في العلاقات والنظرة إلى المستقبل. ومن ذلك الموقف من التعليم الموجه إلى الجزائريين. فقد أصبح الزعماء الجزائريون أكثر إلحاحا على المطالبة بتعليم أولادهم وبحقوقهم المدنية والسياسية. وظهرت محاولات التحدي في هذا الميدان بإنشاء المدارس الخاصة المتبرع لها من قبل الجزائريين أنفسهم، وأخذ هؤلاء يطالبون برخص فتح المدارس لتعليم أولادهم كما اشترط مرسوم 18 أكتوبر 1892. وكان المسؤولون الفرنسيون تارة يستجيبون وتارة يمتنعون. ولكن ذلك كله أدى إلى الضغط على الحكومة الفرنسية، فأصبحت ترصد المال اللازم سواء من ميزانية الجزائر التي يصوت عليها المجلس المالي أو القروض الحكومية المباشرة. وتذكر التقارير أن ميزانية التعليم لسنة 1924 بلغت 13.458.500 فرنك مضافا إليها حوالي خمسة ملايين فرنك لإنجاز البنايات الجديدة (?). ويقول بوجيجا إن التعليم الأهلي قد أصبح من مسؤولية الحكومة وليس من مسؤولية البلديات، فهي التي تصرف عليه، فكانت المشاريع تنجز في وقتها في أغلب الأحيان.
واتفق الجميع على أن هناك انطلاقة جديدة في ميدان التعليم خلال العشرينات والثلاثينات بفضل النهضة الوطنية، سيما حركة الأمير خالد وحركة ابن باديس. يقول جان ميرانت الذي عاصر هذه الفترة أنه منذ 1922 ازداد التقدم نحو التعليم بين الجزائريين، بنين وبنات. لقد أصبح عدد البنات سنة 1930 مثلا يفوق ست مرات عددهن سنة 1890. فبينما كان عددهن في هذه السنة 1.132 أصبح 6.712 سنة 1929. لقد تدافع التلاميذ على المدارس الفرنسية، بينما كان الأمر من قبل يحتاج إلى ضغوط على الأولياء لإرسال أولادهم إلى هذه المدارس، وأصبح التلاميذ يواظبون على الحضور حتى بلغت نسبة حضورهم 95%، كما أصبح قادة الأهالي يطالبون بفتح