لقد شهد عقد 1880 - 1890 عدة إجراءات تتعلق بالتعليم عموما وتعليم الجزائريين خصوصا. فبعد الإهمال المتعمد الذي تميزت به فترة السبعينات، ظهر الاهتمام بالموضوع من جانب بعض المسؤولين الفرنسيين في باريس، وكان جول فيري عندئذ هو وزير التعليم (سنة 1879). فأظهر اهتماما بمسألة التعليم في الجزائر. وقبل أن يقرر بشأنها شيئا أرسل لجنة تتفحص الوضع، وكان في هذه اللجنة عدد من أعيان العلم والسياسة الاستعمارية بعيدي النظر، منهم ما سكرى، وهنري، ولو بورجوا. وكان جانمير Jeanmaire هو مدير التعليم (ريكتور) في الجزائر عندئذ. وكان هو بدوره (جانمير) متحمسا لنشر رسالة فرنسا الحضارية في ميدان التعليم. وكانت البلديات قد عطلت دفع الأموال للتعليم الأهلي كما ذكرنا، فخربت المدارس القائمة وهجرت وأغلقت إدارة الحاكم العام (ديقيدون) الباقي منها، وشددت الرقابة على التعليم الإسلامي في الزوايا. ولكن جول فيري خصص ميزانية من وزارته لبناء 15 مدرسة ابتدائية في الجزائر سنة 1880، غير أن هذه المدارس لم تبن كلها، وظل مشروعها يتمطى إلى سنة 1887 حتى سميت بالمدارس الوزارية لأن أموالها من الوزارة. ويخبر مارسيه أن إنشاء المدارس كان في اطراد ابتداء من الثمانينات. ففي سنة 1882 كان الباقي من المدارس العربية - الفرنسية ست عشرة مدرسة، فوصل عددها سنة 1887 إلى 86 مدرسة. وكان يتردد عليها بين سبعة وتسعة آلاف تلميذ أهلي. ثم نمت بسرعة بعد ذلك إلى أن وصل عددها إلى 124 مدرسة سنة 1892، وهي السنة التي سيبدأ فيها الإصلاح المشهور للمدرسة الفرنسية في الجزائر والتعليم بصفة عامة. وكانت هذه المدارس الأخيرة (أو الأقسام) تضم 12، 63 تلميذا أهليا، و 218 معلما (?).