المعهد مدرسة للترجمة من العربية الدارجة (الجزائرية)، ويدخلها أيضا شبان فرنسيون، وبذلك يصبح المعهد، كما قيل، مشتلة للمترجمين المقدر لهم العمل بالجزائر. ويبدو أن هذا المشروع طموح، وكان يهدف إلى التعليم والدعاية معا، وبدل إنشاء المدارس للجزائريين في بلادهم أراد الفرنسيون نقل بعض الأطفال إلى باريس ليتعلموا فيها ويتأثروا بها، ثم يرجعون إلى الجزائر كدعاة وأبواق تسبح بحمد فرنسا وشكرها. ولكن الأعيان الجزائريين رفضوا هذا العرض السخي الذي قيل إنه يتماشى تماما مع الكرم العربي المعهود، وربما كان الرفض راجعا إلى الخوف على الأطفال. ولذلك فشل المشروع في مهده. وقد فكر الفرنسيون في إنشاء قسم خاص ملحق (بكوليج الجزائر) يدخله الأطفال الجزائريون ويتلقون فيه تعليما متميزا عن الأطفال الفرنسيين، ولكنه تعليم يضمن الاتصال واللعب بين الأطفال وبث روح (العدوى) بينهم (?).
وظل إهمال تعليم الجزائريين هو طابع السياسة الفرنسية في انتظار انقراض الجيل المعاند أو المحافظ وظهور جيل آخر على رماد الحروب. وفي منتصف الأربعينات تكونت اللجنة التي سبقت الإشارة إليها والتي كانت برئاسة الجنرال بيدو، ودام عمل اللجنة خمس سنوات، كما عرفنا. وفي 14 يوليو سنة 1850 صدر مرسوم بإنشاء ست مدارس في الجزائر، تسمى المدارس العربية - الفرنسية. وبالإضافة إلى مدرسة الجزائر السابقة (الحضرية) أنشئت أخريات في وهران وقسنطينة وعنابة والبليدة ومستغانم، برنامجها هو تعليم الفرنسية والعربية للأطفال الجزائريين. وتلك هي بداية المرحلة الثانية من مسيرة التعليم العربي - الفرنسي.