التعصب والعداء. فما كان من الجزائريين إلا الرفض والمقاومة والتمسك بحضارتهم، أي أنهم قابلوا التعصب بتعصب مثله وقوة التحدي بقوة مضادة لها.

عندما بدأ الفرنسيون في إنشاء المدارس الابتدائية لأبنائهم في الجزائر لاحظوا أن اليهود قد أرسلوا أولادهم إليها بينما قاطعها المسلمون. وكان الارتباط بين الفرنسيين واليهود قد بدأ في عدة مجالات منذ لحظات الاحتلال الأولى. إذ قدم اليهود أنفسهم للفرنسيين على أنهم (الوسطاء) بينهم وبين المسلمين. فقد كانوا على علاقة قديمة مع الفرنسيين في مجال التجارة والترجمة والبنوك وغيرها. وبعد الاحتلال كان اليهود أكثر انفتاحا على العالم الأوروبي من المسلمين، فحاولوا أن يستفيدوا من الفراغ الذي حدث بعد هزيمة المسلمين عسكريا وسياسيا واقتصاديا. فلا غرابة عندئذ أن يتحالف الفرنسيون مع اليهود ضد المسلمين منذ البداية. وقد ظهر هذا التحالف بالخصوص في النواحي الروحية والتعليمية ثم تطور إلى أن تقرر التجنيس الجماعي لليهود في عهد كريميو والجمهورية الثالثة سنة 1870. أما المسلمون فلم يكن يعنيهم عندئذ التجنس ولا انتهاز الفرص ولا التحالف مع طرف ثالث من أوروبا، كما فعل اليهود. إن ما كان يهم المسلمين هو قضية وجودهم الحضاري وحفظ تراثهم واستقلال بلادهم، وهزيمة عدوهم الذي جاء لإخراجهم من أرضهم وديارهم ودينهم ولغتهم.

لجأ الفرنسيون إلى إنشاء ما أسموه بالمدارس الخاصة، وأعطوها اسم (المدرسة الحضرية - الفرنسية) بالنسبة للمسلمين، والمدرسة الإسرائيلية - الفرنسية بالنسبة لليهود. وبينما أقبل أبناء اليهود على هذه المدارس لم يستجب لها المسلمون لأنهم رأوا فيها فخا منصوبا لأطفالهم، كما وقعوا هم في فخ اتفاق 1830 الذي يعدهم بحرمة المساجد والأملاك والنساء فإذا كل ذلك الوعد أصبح في مهب الريح. شرع الفرنسيون ذلك لليهود سنة 1832 وللمسلمين سنة 1836. وكانت البداية في مدينة الجزائر. ويجب ألا يفهم من هذا أن الفرنسيين قد أنشأوا سلسلة من المدارس على هذا النحو أو أنهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015