ومهما كان الأمر، فإن الجمهورية الثالثة قد ألغت المكاتب العربية من المناطق المدنية وعوضتها بالبلديات الشاملة والمختلطة. أما حلقات اللغة العربية الثلاث فقد أدمجتها في التعليم العالي الجديد الذي أنشئ في 20 ديسمبر 1879. وأصبحت مدرسة الآداب العليا هي التي تمنح شهادة تسمى (بروفي اللغة العربية) و (دبلوم اللغة العربية). وهما الشهادتان الوحيدتان اللتان تمنحان في الجزائر، أما شهادة الليسانس في الآداب فلا تمنح إلا في فرنسا، إلى أن تكونت كلية الآداب وجامعة الجزائر سنة 1959.
وفي سنة 1849 أيضا وقعت دراسة شاملة لموضوع العربية والفرنسية في الجزائر على أثر الاهتمام الخاص الذي ظهر من تقرير (بارو F.رضي الله عنهarot) الشهير. لقد عينت وزارة التعليم والأديان في الحكومة الفرنسية لجنة ذات مستوى عال برئاسة الجنرال رضي الله عنهedeau الذي سبق له العمل في وهران وقسنطينة. ومن أعضائها المستشرق بيرسونال من الكوليج دي فرانس، والدكتور بيرون Perron مدير مدرسة الطب بمصر (?) وفيرناندان بارو الذي اختير مقررا لهذه اللجنة. كان أمام اللجنة نقطتان: كيفية تدريس العربية للفرنسيين وكيفية تدريس الفرنسية للجزائريين. وإذا شئت مشكل التعليم الاندماجي في الجزائر. ولاحظت اللجنة أن الحلقات لم تؤد مهمتها المرجوة أيضا. وأنه لا بد من تطويرها، وكذلك رأت ضرورة العمل على نشر الفرنسية بين الجزائريين باعتبار ذلك عملا مستعجلا لمساعدة عمليات الاستعمار (أي الاستيطان ومصادرة الأراضي واستثمارها لصالح فرنسا)، وضرورة اتباع الوسائل الآتية وهي التهدئة أي القضاء على جيوب المقاومة، وجلب الجزائريين إلى الجانب الفرنسي وتحقيق الاندماج. ونظرت اللجنة إلى دراسة اللغتين على أنه وسيلة لتسهيل الاتصال بين الجنسين: العربي والفرنسي.
أما بالنسبة لتعليم الفرنسية للأهالي فسيظهر أثره في المدارس الابتدائية المسماة بالعربية - الفرنسية. وأما بالنسبة لحلقات اللغة العربية الموجهة