ودخولها تحت مظلة السيادة الفرنسية. والغريب أن أحد الباحثين ذكر أن الفرنسيين كانوا يبررون ذلك التمييز بقولهم إن الجزائريين رعايا والفرنسيين مواطنون (?). والرعية ليس سواء مع المواطن. مع أن الفرنسيين يزعمون أنهم ألغوا الرق وحملوا شعار المساواة. وبهذا الصدد (التمييز) كتب البعض بأن يترك التعليم للفرنسيين والفأس والمحراث للجزائريين، لأن ذلك أجدى لهؤلاء وأنفع من تعلم التاريخ (?). وسنرى أن عملية التمييز هذه ستكون أبرز بعد إنشاء فرعين (فرنسي وجزائري) في مدرسة ترشيح المعلمين (النورمال).

وبالإمكان الاستمرار في سرد هذه الآراء حول إهمال تعليم الجزائريين لنصل إلى حكم موضوعي يجيب على السؤال: ما كان وراء هذا الإهمال بين 1830 - 1900؟ هل هو التعصب الديني والخوف من التنصر وعدم الرغبة في التعلم والمقاطعة الثقافية عموما أو هو حرمان التعليم الإسلامي من موارده وبعثرة رجاله والتدخل في شؤونه بفرض اللغة الفرنسية والمعلم الفرنسي وهدم مدارسه ومساجده؟ ومن يا ترى ظهر بلباس التعصب والعدوانية: هل ذلك الذي صب حقده على المساجد منذ 1830 فهدمها وحول بعضها إلى كنائس وأنشأ أسقفية في أملاك الأوقاف وفرض اللغة الفرنسية والمعلم الفرنسي في المدارس القرآنية التابعة للجامع؟ أو هو الذي قاوم كل ذلك بما أمكنه، بينما ظل يطالب بحقه في التعلم وفي احترام اتفاقية 1830؟.

إن الجزائريين قد استمروا طيلة السبعين سنة ينادون بالتعلم، ولكن بلغتهم وفي مدارسهم. فالذي يتحدث عن (التعليم) مطلقا سيكون غير منصف. لأن التحفظ الذي أبداه الجزائريون إنما كان حسب المعطيات الاجتماعية والتاريخية، حول التعليم الذي ثبت أن أهله لم يحترموا العهود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015