إن المدافعين عن موقف الحكومة الفرنسية يجدون لها مبررات. يقول جان ميرانت الذي تولى إدارة الشؤون الأهلية في الجزائر خلال العشرينات من هذا القرن والذي كان ضابطا متخصصا في شؤون الجزائر والعرب والمسلمين: إن الاحتلال نفسه قد مر بمراحل (وقد أشرنا إلى ذلك)، وأن هناك مرحلة الحرب العوان، ومرحلة التهدئة والمناوشات، ومرحلة التوسع والانتشار من الجزائر إلى الصحراء حتى أن ميزاب احتلت فقط سنة 1882 وجنوب وهران 1883، وتوات وعين صالح بين 1899 - 1904. ومن جهة أخرى فإن فرنسا لم تقرر إلحاق الجزائر إلا سنة 1834، ولم ترم بكل ثقلها في الحرب ضد المقاومة إلا بعد تعيين بوجو سنة 1841، ولم تعتبر الجزائر جزءا لا يتجزأ منها إلا سنة 1848. ثم إن التعليم في فرنسا نفسها قد خضع إلى مراحل. ولم يكن للحكومات الفرنسية المتعاقبة نفس الرؤية حول التعليم في الجزائر، لأن للتعليم دائما هدفا وبرامج مختلفة، فهو عند الملكيين ليس هو هو عند الجمهوريين، وهو عند هؤلاء ليس هو تماما عند أتباع الامبراطورية، وهكذا (?). وكل هذه الاعتبارات تبدو سليمة. ومن يقول بغير ذلك؟ ولكن هل بقي المستوطنون الفرنسيون في الجزائر بدون تعليم أثناء هذه المراحل والترددات التي يوحي كلام ميرانت أن الفرنسيين قد خضعوا لها؟ أبدا. لقد كان فرنسيو الجزائر يتلقون تعليمهم العادي، كما هو الحال في فرنسا. وقد بنيت لهم المدارس وجيء لهم بالمعلمين ورصدت لهم الميزانية، فلم يبق سوى الجزائريين بدون تعليم أصلا، لأن وسائلهم المادية المرصودة للتعليم قد استولى عليها الفرنسيون ولأن المعلمين المسلمين هاجروا أو افتقروا، ولأن المدارس والمساجد قد هدمت أو ألغيت. ومن جهتها لم تتحمل الحكومة الفرنسية مسؤوليتها كدولة محتلة إزاء شعب محتل، له حق العيش والتعلم والبقاء.

وإن الملفت للنظر حقا هو الطابع التمييزي - العنصري في تشريعات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015