عشر سنوات يحفظ القرآن ثم لا يعرف كيف يفهمه ولا كيف يكتب رسالة، ولا كيف يؤدي وضوءه وصلاته ... واستشهد ديبارمي بمقالة أخرى للنجاح في أول مايو 1930 عنوانها (ليلة بدون سوابق في حوليات الجزائر) تحدثت فيها عن مسرحية مثلتها الشبيبة وظهر فيها طفلان بائسان أحدهما ماسح أحذية والآخر حمال، وقد جاءا لمعلم القرآن يطلبان منه الدخول إلى المدرسة فأجلهما لأنه لا يوجد فيها مكان لهما (?).

أما جريدة (البلاغ) فقد هاجمت في عددها الصادر في الثاني من يناير 1930، زوايا منطقة زواوة، وقالت أنها مراكز للجهل والخرافة، وأن الهدف من التعليم فيها هو حفظ القرآن وقراءته على الموتى، وكتابة الحروز، وكان الواجب هو تكوين معلمين بالعربية، ليكونوا أدباء قادرين على قراءة القرآن وكتب آبائهم، والقدرة على الدفاع عن تراثهم وحضارتهم في وجه الحضارة الغربية الغازية. ومن جهة أخرى أعلنت النجاح عن تبرع أحد الجزائريين بـ 350.000 فرنك لبناء مدرسة عليا بالعاصمة، كما تبرع آخر بـ 910555 فرنك لشراء محل واستعماله كمدرسة (?).

إن هذا التحول الذي يشير إليه ديبارمي لم يبدأ في العشرينات، ولكن منذ أوآخر القرن الماضي. وقد أخذ يظهر للعيان في أول القرن. ولكن وسائل الضغط السياسي والمعنوي عند الجزائريين لم تكن متوفرة إلا بعد الحرب العالمية. وكان التحضير للاحتفال المئوي بالاحتلال قد أيقظ النائمين ونبه الغافلين لمخططات الفرنسيين. وهكذا ظهرت الدعوة للإصلاح الاجتماعي والديني، والتربية والتعليم، ولإحياء اللغة العربية والهوية الوطنية. وضمن هذا الزخم ظهرت مدارس جمعية العلماء ببرنامجها الاصلاحي المتطور. ولا نريد أن نتوسع في ذكر هذه المدارس الآن. ويكفي أن نقول أنها أصبحت تعد بالعشرات خلال الثلاثينات. وكانت تشمل البنين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015