كذلك إلى أن تموت تلقائيا أو يعرض الناس عن التوجه إليها استغناء عنها بالمدرسة الفرنسية. وأثناء انعقاد مؤتمر المستشرقين الرابع عشر بالجزائر سنة 1905 رجع الحديث عن إصلاح الزوايا، فألقى المختار بن الحاج سعيد بحثا حول الموضوع وتمنى على الإدارة الفرنسية أن تنظمها تنظيما جديدا. وقد ساند الزعيم المصري محمد فريد الذي حضر المؤتمر دعوة زميله الجزائري للأصلاح وأخبر أن مصر قد أصلحت الكتاب (الزاوية) بعد تردد طويل، وأن التعليم فيه أصبح أوربيا تقريبا وأنه أعطى نتائج ممتازة. وتمنى أيضا على الإدارة الفرنسية في الجزائر أن تتبع طريقة مصر في هذا الإصلاح.

ولكن الوفد الفرنسي في المؤتمر لم يرقه هذا الكلام. فتحدث السيد فوليه Vollers، وانتقد القرآن واللغة العربية بطريقة جرحت مشاعر المسلمين الحاضرين مما استوجب الرد عليه من طرف المختار بن الحاج سعيد ومن عبد العزيز جاويش عضو الوفد المصري. وقد تدخل السيد برودو رضي الله عنهrudo من الوفد الفرنسي وانتقد رأي محمد فريد (في غيابه) وقال أن الأهالي (الجزائريين) لا يحتاجون اللغة العربية لأنهم يتكلمونها منذ طفولتهم، ولكنهم يحتاجون اللغة الفرنسية التي يجهلونها، وهي أكثر فائدة لهم (?). ومعنى ذلك هو الدعوة إلى إبقاء تعليم الزوايا على ما هو عليه وعدم إصلاحه لأن في إصلاحه تطويرا للغة العربية وبرنامجها.

واستمرت الدعوة لإصلاح التعليم في الزوايا أو بالأحرى نقد تعليمها إلى أن ظهرت المدارس الحرة الحديثة على يد بعض الرواد الذين سنذكرهم. وهذا الشيخ أبو يعلي قد كتب في ذلك وهو في المشرق - خلال الحرب العالمية الأولى - وقارن بين المدة التي يقضيها الطفل في زاوية وفي مدرسة فرنسية فوجد أن التلميذ يخرج جاهلا من الأولى ومتعلما من الثانية، وأنه قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015