تارزي كان شيخ الرحمانية، وهكذا. ولكن العالم الحقيقي هو الذي يكون طريقة خاصة به، تتجاوز الأتباع وتترفع عن الانتماء، وتفرض نفسها بالفكر المستقل والتفكير الحر. فهل كان الشيخ حمدان من هذا الصنف أو ذاك؟ في غياب الدليل المادي لا يمكننا إلا أن نعتبره من العلماء المستقلين فكريا، رغم أنه كان موظفا رسميا.
وقبل أن ندخل في تفاصيل نشاطه التدريسي منذ ابتدأ الفرنسيون تفتيش دروسه نذكر أنه كان لحمدان الونيسي أخوة. من بينهم عبود الونيسي، وكان عبود هذا قاضيا في العين البيضاء سنة 1929. وقد رآه ونوه به الشيخ عبد الحميد بن باديس في السنة المذكورة عند زيارته لهذه البلدة، وربط بينه وبين أخيه (شيخه) حمدان، فقال أنه أخ شيخي وأستاذي العلامة الفقيه سيدي حمدان الونيسي دفين طيبة الطيبة (?).
ويبدو أن الشيخ حمدان كان مشتغلا بالكتب أيضا، سيما النسخ. فقد نقل الشيخ أبو القاسم الحفناوي بن الشيخ في (تعريف الخلف) من خطه سيرة بعض علماء قسنطينة، مثل (منشور الهداية) لعبد الكريم الفكون (?). ولحمدان بعض التآليف سنذكرها في محلها.
كانت السلطات الفرنسية قد سنت، كما ذكرنا، دروس المساجد حسب تنظيم جديد، يخضع لبرنامج محدد، وساعات أسبوعية، وذلك منذ آخر القرن الماضي، ثم تلاه إنشاء التفتيش على هذه الدروس وتقديم التقارير السنوية إلى الحاكم العام عن سير الدروس وتأثير المدرسين واتجاهاتهم، مع التوصيات والاقتراحات، وإسناد هذه المهمة إلى مدراء المدارس الشرعية -