على رغم الظروف السيئة وهو إسم المكي البو طالبي. وكذلك محمد بن فتح الله، ومحمد بن الشيخ العباسي، والطاهر بن النقاد. وكان الفرنسيون قد أخذوا يفصلون القضاء عن مهنة التعليم، كما فصلوه عن الديانة أو الوظيف الديني، فقد كانوا حريصين على إيجاد قضاة يحلون لهم المشاكل المادية أكثر من اهتمامهم بالمدرسين في القضايا الدينية والأدبية. وهكذا لمع المكتب العربي في قسنطينة وجوها جديدة مثل محمد الشاذلي الذي ولوه وظيفة القضاء، وجعلوا معاونيه المكي بن باديس ومحمد بن عزوز قبل أن يصبح كل منهما قاضيا مستقلا. كما جلبوا محمد العنتري وأضرابه من الساخطين على حكم الحاج أحمد.

وبعد افتتاح المدرسة الشرعية - الفرنسية في قسنطينة سنة 1851 تولى إدارتها محمد الشاذلي والتدريس فيها المكي البو طالبي ومصطفى بن جلول وأحمد المبارك. فكان غرض الفرنسيين منها، كما في تلمسان والعاصمة، امتصاص التعليم المسجدي وتحويل الأنظار إلى المدرسة الرسمية، رغم أن التعليم فيها خلال هذه المرحلة لا يكاد يختلف عن دروس المساجد. وقد توفي الأول والثاني في نفس السنة وهي 1865، وتوفي مدير المدرسة (الشيخ الشاذلي) وأحمد المبارك خلال السبعينات في وقت متقارب. وقد روى شارل فيرو أن الأوساط العلمية في قسنطينة كانت تقول أن (العلم قد انطفأ عند المسلمين بموت سي مصطفى بن جلول وسي المكي البوطالبي) وحل أحمد بن جلول مكان البوطالبي في المدرسة سنة 1865 (?). ويقال أن البوطالبي قضى خمسين سنة من حياته في بث العلم.

بذلك حرمت الإدارة الفرنسية عامة الناس من نور العلم. فقد استولت على الأوقاف، كما ذكرنا في فصل آخر (?)، وصارت المساجد والمدارس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015