بها من قبل فرنسا منجاة للعامة ومحافظة على الدين، وقد أخبره الشيخ بيرم، وكان صادقا بأن أمثاله قليلون في القطر، وأن بقاءه أنفع للعامة وله عند الله، من خروجه برأسه، تاركا الأمة خالية عن مثله. بالإضافة إلى أن خروجه قد يحمل الغير على تقليده أيضا، وبذلك تبقى العامة بلا معلمين للدين، وتندثر الديانة الاسلامية من العامة بالتدرج. أما بقاؤه فيؤدي، في نظر بيرم، إلى نشر للعلم والعقائد والفقه وحفظ هذه الديانة. وذكره بأن الأسرى إذا لم يتمكن الفادون من افتدائهم جميعا يؤخر العلماء، حسب كتب الفقه. والمعروف أن ابن الحفاف قد شارك في موضوع الهجرة الجماعية التي أثارها صهره قدور بن رويلة مع الشيخ الكبابطي حوالي سنة 1844، وها هو يثير الموضوع فرديا سنة 1878.
وصفه الشيخ بيرم بأوصاف العلماء (الأسرى) فعلا. فهو من الأخيار عنده. وهو يمتاز بالسكينة والتقوى والتفقه والسعة في الحديث، وأنه إمام وخطيب الجامع الكبير. وقد زاره في مقصورة الجامع حيث يستقبل خاصة الزوار. وهذا التنويه كان في محله لأننا نعرف أن لابن الحفاف تقاييد ومؤلفات وأشعارا. وله إجازات إلى بعض المعاصرين أمثال بلقاسم الحفناوي، والمكي بن عزوز، والقاضي شعيب بن علي (?).
6 - محمد بن مصطفى بن الخوجة المعروف بالمضربة وبمصطفى الكمال. قضى حياته العلمية بين المسجد وجريدة المبشر والتأليف. وأثناء أدائه لمهمة التدريس والخطابة جاء تنظيم الدروس بالمساجد سنة 1898 ثم 1955 و 1905. فكان من المدرسين المشار إليهم بالبنان، رغم قلة تلاميذه. ولعل قدرته على التأليف قد فاقت قدرته على التدريس، رغم فصاحة لسانه وقلمه، على ما قيل عنه. وكان يجمع الشعر إلى النثر،