وورث العصر الحاضر هذه المؤلفات بما احتوته من علم زاخر، وكنوز فقهية ثمينة لا يصبر على دراستها والرجوع إليها إلا الجهابذة المتفرغون المتخصصون.
وليس الأمر قاصرا على وعورة مسلك هذه الكتب؛ وإنما جاوزه إلى التعصب المذهبي، والوقوف عند رأي المذهب بإغلاق باب الاجتهاد والغلو في شروط المجتهد.
ولم ينج من هذه الظاهرة سوى القلة النادرة من المصلحين المجددين، الذين عولوا على مقاصد الشريعة، وقواعدها العامة، وأدلتها الكلية، ونهجوا خطة المتقدمين في التأليف، وفي مقدمة هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية، فإنه يعتبر نقطة تحول كبيرة في تاريخ الفقه الإسلامي؛ حيث اعتمد في اختياراته الفقهيه على النظر في الأدلة، والأخذ بالأقوى من آراء الفقهاء السابقين، واستخرج أحكاما للقضايا الجديدة في عصره.
ورث العصر الحاضر ذلك التراث الفقهي القديم بما له وما عليه، في الوقت الذي تطورت فيه أساليب التأليف، وشملت التجديد في كل مادة من المواد، وأحس الناس بالحاجة إلى التجديد في أنماط التأليف الفقهي، فلجئوا تارة إلى الإخراج والتحقيق، وأخرى إلى البحث الموضوعي المقارن مع المذاهب، أو مع المذاهب والقوانين الوصعية، وكان للرسائل الجامعية في الماجستير والدكتوراه" أثرها الطيب في ذلك، وإن كان أثرا محدودا.