أبو حنيفة من تقديم القياس، حتى على خبر الآحاد، ويمنع الاجتهاد بالرأي إذا لم يكن نص من كتاب أو سنة يقيس عليه؛ فالقول بغير خبر ولا قياس على الخبر غير معتبر، وهذا معنى قوله: "إذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاجتهاد لا يكون إلا على طلب شيء، وطلب الشيء لا يكون إلا بدلائل والدلائل، هي: القياس".
وانتقد الشافعي القول بالاستحسان الذي يراه الأحناف وأبطله، ويقول في كتاب "إبطال الاستحسان" ما نصه: "كل ما وضعت مع أنا ذاكر من حكم الله ثم حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حكم جماعة المسلمين دليل على أنه لا يجوز لمن استأهل أن يكون حاكما أو مفتيا أن يحكم، ولا أن يفتي إلا من جهة خير لازم وذلك: الكتاب ثم السنة، أو ما قاله أهل العلم لا يختلفون فيه، أو قياس على بعض هذا، ولا يفتي بالاستحسان إذا لم يكن الاستحسان واجبا، ولا في واحدة من هذه المعاني".
وبين أن الاستحسان لا ضباط له، ولا مقاييس يقاس بها الحق من الباطل؛ فلو جاز لكل مفت أو حاكم أو مجتهد أن يستحسن فيما لا نص فيه، لكان الأمر فرطا، ولاختلفت الأحكام في النازلة الواحدة على حسب استحسان كل مفت.