سئل مالك عن مسائل كثيرة فأجاب عنها ودونها تلاميذه، وهذا ما يعرف بالمدونة، وأول من كتب ذلك أسد بن الفرات، قاضي القيروان وفاتح صقلية المتوفى سنة 213هـ. سمع الموطأ على مالك، ولما أثكر عليه السؤال أوصاه بالرحيل إلى العراق؛ فارتحل إليها، ودون أسئلة أخذها عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، وفقيه العراق، ثم سأل عنها عبد الرحمن بن القاسم صاحب مالك عند عودته في مروره بمصر فأجابه على رأي مالك، فكتب ذلك، وجاء بما كتب إلي القيروان؛ فكتبها عنه سحنون، وكانت تسمى "الأسدية" ثم جاء بها سحنون إلى ابن القاسم سنة 188هـ فعرضها عليه، وأصلح فيها مسائل، ورجع بها إلى القيروان، وقد رتب سحنون أكثر مسائل المدونة، واحتج في بعض المواضع بالآثار من روايته من موطأ ابن وهب وغيره، وبقيت منها بقية لم يتم فيها سحنون هذا العمل، وتعتبر المدونة أساس الفقه عند أتباع مالك وتبلغ مسائلها ستا وثلاثين ألف مسألة، وقد طبعت في مصر سنة 1323هـ بمطبعة السعادة في ستة عشر جزءا في ثماني مجلدات، وذلك تحت اسم "المدونة الكبرى" رواية سحنون، وهو: أبو سعيد عبد السلام بن سعيد التنوخي الملقب بسحنون، ولي قضاء القيروان، وانتهت إليه رئاسة العلم بالمغرب، وصنف كتاب "المدونة" ولد سنة 160هـ، وتوفي سنة 240هـ.