الحسن البصري:

هو أبو سعيد "الحسن بن أبي الحسن" يسار البصري، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالمدينة، وكان أبوه مولى لزيد بن ثابت الأنصاري من سبي ميسان وهو صقع بالعراق بالقرب من البصرة، كما كانت أمه مولاه لأم سلمه زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وربما غابت في حاجة فيبكي، فتعطيه أم سلمة رضي الله عنها ثديها تعلله به إلى أن تجيء أمهن ونشأ بوادي القرى، وعاش بالبصرة وسكنها.

وكان الحسن البصري من سادات التابعين وكبرائهم، جمع كل فن، من علم، وزهد، وورع، وعبادة، وأكثر كلامه حكم وبلاغة. قال أبو عمرو بن العلاء: ما رأيت أفصح من الحسن البصري.

وقد امتاز الحسن بقوة العارضة، والوقوف عند محارم الله، والجهر بكلمة الحق. ولما ولى عمر بن هبيرة الفزاري بالعراق وأضيفت إليه خراسان؛ وذلك في أيام يزيد بن عبد الملك - استدعى الحسن البصري، ومحمد بن سيرين والشعبي، وذلك في سنة ثلاث ومائة، فقال لهم:

إن يزيد خليفة الله، استخلفه على عباده، وأخذ عليهم الميثاق بطاعته، وأخذ عهدنا بالسمع والطاعة، وقد ولاني ما ترون، فيكتب إلي بالأمر من أمره، فأقلده ما يقلده من ذلك الأمر، فما ترون؟ فقال ابن سيرين والشعبي قولا فيه تقية؛ فقال ابن هبيرة: ما تقول يا حسن؟ فقال: يا ابن هبيرة، خف الله في يزيد، ولا تخف يزيد في الله، إن الله يمنعك من يزيد، وإن يزيد لا يمنعك من الله، وأوشك أن يبعث إليك ملكا فيزيلك عن سريرك ويخرجك من سعة قصر إلى ضيق قبر، ثم لا ينجيك إلا عملك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015