الخلفاء الراشدون؛ فأصبحت مهد السنة، ومنبع الحديث، وملتقى الصحابة، وهذا يجعل أهلها أثبت الناس بالفقه، وأشدهم تمسكا بالرواية، ووقوفا عند الآثار.
ومدرسة المدينة فوق هذا تستقي منهجها من شيوخها الأوائل الذين في مقدمتهم زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم جميعا، وقد عرف ابن عمر بحرصه الشديد على تتبع آثار الرسول صلى الله عليه وسلم، والاعتزاز به، وتأثر بهذا المنهج تلاميذه الذين حملوا لواء العلم بهذه المدرسة، وفي مقدمتهم: سعيد ابن المسيب الذي أكب على جمع الآثار، وفتاوى الصحابة، وحفظ كثيرا منها، وقيل فيه: إنه أعلم الناس بما تقدمه من الآثار، وأفقههم في رأيه، وعن ميمون ابن مهران قال: أتيت المدينة؛ فسألت عن أفقه أهلها، فدفعت إلى سعيد فسألته.
ومن هذه المدرسة: الشعبي الذي يقول: ما جاءكم به هؤلاء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخذوه وما كان من رأيهم فاطرحوه، في الحش1.
ومذهب مدرسة أهل الحديث: أنهم إذا سئلوا عن شيء، فإن عرفوا فيه آية أو حديثا أفتوا، وإلا توقفوا.
روي عن رجل سأل سالم بن عبد الله بن عمر عن شيء فقال: لم أسمع في هذا شيئا؛ فقال له الرجل: فأخبرني أصلحك الله برأيك، قال: لا، ثم أعاد عليه فقال، إني أرضي برأيك؛ فقال سالم: إني لعلي إن أخبرتك برأيي ثم تذهب فأرى بعد ذلك رأيا غيره فلا أجدك.
وترجع أسباب وقوف أهل الحجاز عند النصوص إلى الأمور الآتية: