يراد بالتاريخ تعريف الوقت، يقال: أرَخ الكتاب، وأرَّخه، وآرخه: وقَّته، أي بيَّن وقته. وعلم التاريخ علم يتضمن ذكر الوقائع وأوقاتها وما جرى فيها من أحداث، وما كان لها من أثر في حياة الناس، وتاريخ علم من العلوم أيا كان نوعه يشمل نشأة هذا العلم، ومراحل تطوره، وحياة رجاله، وما قدموه من نتاج فكري لخدمة هذا العلم والنهوض به.
وتاريخ العلوم على وجه الإجمال يأتي عرضا في كتب التاريخ العام أثناء ذكر الوقائع والحديث عن مشاهير الرجال والتعريف بالحالة العلمية والفكرية في عصر من العصور.
أما استخلاص هذا وتنسيقه وترتيبه ترتيبا علميًّا؛ ليكون فنًّا من الفنون، له موضوعه وقواعده وفوائده، فإنه لم يجد عناية كافية حتى يفرد كل علم بتاريخ له في بحث منهجي متكامل.
وهذا لا يعنى أن يكون السابقون قد أغفلوا تاريخ العلوم من مناهج بحثهم، فإن بعضهم تحدث عنها ولكنه حديث مجمل، لا يفي بالغرض المقصود، وقد أفرد ابن خلدون في مقدمته الباب السادس للحديث عن العلوم وأصنافها، والتعليم وطرقه، وسائر وجوهه، وما يعرض في ذلك كله من الأحوال، وخص الفصل السابع من هذا الباب بعلم الفقه وما يتبعه من الفرائض.
وأفرد الدكتور حسن إبراهيم حسن في كتابه "تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماعي" بابًا خاصًّا بالثقافة، تحدث فيه بإيجاز عن العلوم النقلية والعقلية، والحركة العلمية في كل علم منها بعصور الإسلام التي كتب فيها.