...
عصر صغار الصحابة وكبار التابعين:
من ولاية معاوية إلى أوائل القرن الثاني الهجري
الحالة السياسية في هذا العهد:
اجتمعت لمعاوية أقطار البلاد الإسلامية كلها، بعد أن صالحه الحسن بن علي رحمه الله، ولقب بأمير المؤمنين في العام الحادي والأربعين، وسمي هذا العام بـ "عام الجماعة".
ولا يعنى هذا الاجتماع استقرار الأمر وهدوء الحال من كل وجه، فإن المناوأة لمعاوية والحكم الأموي ظلت قائمة، من الخوارج تارة، وهم الذين ينقمون على عثمان وعلى ومعاوية جميعا، وينكرون سياسة الملك الدنيوي، ومن الشيعة أخرى، وهم الذين يرون الخلافة حقا لعلي وأهل بيته خاصة.
فإذا أضفنا إلى هذا أن سياسة حكم بني أمية واجهت في كثير من الفترات سخطا متزايدا، وخروجا على سلطانها في بعض الجهات، أدركنا العقبات التي اعترضت الولاة في هذا العهد.
ولقد كان معاوية صاحب حنكة سياسية خففت من حدة الخصومة بينه وبين أعدائه؛ إلا أن بيعته ليزيد أثارت كثيرا من السخط لدى أهل الورع والتقوى، كما كان لواقعة كربلاء ومقتل الحسين رد فعل كذلك، وزاد الطين بلة استقلال عبد الله بن الزبير، واعتصامه بمكه، مما جعل الأمر أشد تأزما وحرجا.
فلما جاء عبد الملك بن مروان أخذ في كتب هذه النزعات بقوة وحزم، كي يستتب له الأمر واعتمد في جمع كلمة الناس عليه على رجل مستبد، يعشق إذلال النفوس بالقهر والعسف، ذلك هو الحجاج بن يوسف الثقفي الذي أحمد.