عبد الله بن أبي القائل كذا وكذا، والقائل كذا وكذا؟! أعدد أيامه ورسوله الله صلى الله عليه وسلم يبتسم، حتى إذا أكثرت قال: "يا عمر، أخر عني، إني قد خيرت، قد قيل لي: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} 1 فلو أعلم أني إن زدت على السبعين غفر له لزدت عليها" ثم صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشى معه حتى قام على قبره، حتى فرغ منه فعجبت له ولجرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ورسوله أعلم، فوالله ما كان إلا يسيرا حتى نزلت هاتان الآيتان: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِه} 2، فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على منافق بعد حتى قبضه الله عز وجل، روى ذلك أصحاب السنن وجاء عند البخاري ومسلم.

ولعمر رضي الله عنه أوليات كثيرة في اجتهاده، روى البيهقي قال: أخرج عبد الرزاق عن معمر عن سماك بن الفضل عن وهب بن منبه عن مسعود بن الحكم الشقفي قال: "قضى عمر رضي الله عنه في امرأة تركت زوجها وأمها والأب، جعل الثلث بينهم سواء، فقال رجل: يا أمير المؤمنين ... إنك لم تشرك بينهم ما قضينا اليوم، وهذه المسألة هي المعروفة في الميراث، بالمشركة أو المشتركة كما ذكرنا من قبل.

وكتاب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري في القضاء كتاب فريد في بابه، يجمع كثيرا من قواعد الأصول والفقه واستنباط الأحكام، ويدل على أصالة رأي ودقة فهم، وحسن بصيرة، وقد شرحه العلامة ابن القيم في كتابه "أعلام الموقعين" شرحا مستفيضا، واستخلص منه علما غزيرا، ويطول بنا الحديث لو تطرقنا إلى سيرة عمر رضي الله عنه، ووقفنا على فضائله ومزاياه، وقد لقي ربه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015