8- وكانت الوصية واجبة بقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} 1 ثم نسخ ذلك، واختلفوا في الناسخ، فقيل: آية الفرائض: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْن....} إلى قوله تعالى: {.... وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيم} 2 وقيل: حديث: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" [رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه، وصححه الترمذي] وقيل: دل الإجماع على ذلك وإن لم يتعين دليله.
وقيل: الآية مخصوصة وليست منسوخة، لأن الأقربين أعم من أن يكونوا وارثين أم لا؟ فكانت الوصية واجبة لجميعهم، وخص منها الوارث بآية الفرائض وبالسنة الصحيحة، وبقي حق من لا يرث من الأقربين من الوصية على حاله.
وفي السنة العاشرة منعت الوصية بأكثر من الثلث في قصة سعد بن أبي وقاص عندما مرض في مكة بحجة الوداع.
عن سعد بن أبي وقاص أنه قال: "جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني من وجع اشتد بي، فقلت: يا رسول الله: إني قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال، لا قلت: فالشطر يا رسول الله؟ قال: لا قلت: فالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير أو كبير إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير لك من أن تذرهم عالة يتكففون الناس" [متفق عليه] وكان هذا في مكة، في حجة الوداع.
9- وروى الشيخان عن البراء بن عازب قال: آخر آية نزلت: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ...