روى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة: "إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام"، فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلي بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: "لا، هو حرام"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: "قاتل الله اليهود، إن الله عز وجل لما حرم عليهم شحومها أجملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه".
6- وشرعت أكثر أحكام العقود والمعاملات في السنة العاشرة من الهجرة، فنزلت سورة المائدة -وهي من أواخر ما نزل- وجاء في صدرها الأمر بالوفاء بالعقود {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} 1 وقد نزل قبل ذلك النهي عن أكل أموال الناس بالباطل في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} 2 وقوله: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} 3.
وشرع تحريم الربا بعد غزوة خيبر التي كانت في المحرم سنة سبع، ثم نزل في القرآن الكريم تحريم الربا المضاعف، ثم نزل حل البيع وتحريم الربا القليل منه والكثير في سورة البقرة. ولما كانت حجة الوداع وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ربا الجاهلية تحت قدميه. وأكد حرمة الدماء والأموال والأعراض.
روى مسلم في صحيحه عن علي بن رباح اللخمي قال: سمعت فضالة ابن عبيد الأنصاري يقول: "أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر بقلادة فيها خرز وذهب، وهي من المغانم تباع، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده، ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذهب بالذهب وزنا بوزن".