قَالَ: فخرجوا إليها فأتَوها من بَرِّها وبحرها، ففتحها الله على المُسْلِمين، وزاد في سلطان المُسْلِمين مثل إفريقية. ولم يزل أمرُ الأندلس كأمر إفريقية، حتى أمر هشام فمنع البَرْبَرَ أرضَهم.
ولما نزع عثمان عَمْرًا عَنْ مصر غضب وحقد على عثمان، فوجه عبد الرحمن بْن سعد فأمره أن يمضي إلى إفريقية، وندب النَّاس معه إلى إفريقية، فخرج إليها في عشرة آلاف، وصالح ابن سعد أهل إفريقية على ألفي ألف دينار وخمسمائة دينار. وبعث ملك الروم من قسطنطينية أنْ يؤخذ من أهل إفريقية ثلاثمائة قِنْطار ذَهَبًا، كما أخذ منهم عبد الله بْن سعد، فقالوا: مَا عندنا مالٌ نعطيه، وما كان بأيدينا فقد افتدينا به، فأمّا الملك فإنه سيّدنا فليأخُذْ مَا كان له عندنا من جائزة كما كنا نعطيه كلَّ عام، فلمّا رأى ذلك منهم الرسول أمر بحبسهم، فبعثوا إلى قومٍ من أصحابهم فقدِموا عليهم فكسروا السجن وخرجوا.
وعن يزيد بْن أبي حبيب قَالَ: كتب عبد الله بْن سعد إلى عثمان يَقُولُ: إنّ عمرو بْن العاص كسر الخوارج، وكتب عَمْرو: إن عَبْد الله بن سَعْد أفسد عليَّ مكيدة الحرب. فكتب عُثْمَان إلى عَمْرو: انصرف وولي عَبْد الله الخراج والجُنْد، فقدِم عمرو مُغْضبًا، فدخل على عثمان وعليه جُبَّةٌ له يَمانيَّة مَحْشُوَّة قُطْنًا، فَقَالَ له عثمان: مَا حَشْوُ جُبَّتك؟ قَالَ: عمرو، قَالَ: قد علمتُ أنّ حَشْوَها عَمْرو، ولم أرد هذا، إنّما سألتك أقُطْنٌ هو أم غيره؟ وبعث عبد الله بْن سعد إلى عثمان مالًا من مصر وحشد فيه، فدخل عمرو، فَقَالَ عثمان: هل تعلم أنّ تلك اللّقاح درّت بعدك؟ قَالَ عمرو: إن فصالها هَلَكَتْ.
وفيها حجّ عثمان بالنّاس.
سَنَة ثمانٍ وَعِشْرين:
قيل في أولها غزوة قبرص، وقد مرّت. فروى سَيْفٌ، عَنْ رجاله قالوا: أَلَحَّ معاوية في إمارة عُمَر عليه في غَزْو البحر وقُرْب الرُّوم من حِمْص، فَقَالَ عُمَر: إنّ قريةً من قُرَى حمص يسمع أهلها نباح كلابهم وصياحَ ديُوكهم قالوا: كتب عُمَر إلى معاوية: إنّا سمعنا أنّ بحر الشام يشرف على أطول شيء على الأرض،