وكأنّه في الموج قلبي ... بين أشواقي إليهِ

وله:

وكل امريءٍ يدري مواقعَ رُشدهِ ... ولكنّه أعمي أسيرُ هواهُ

هوى نفسهِ يُعميهِ عَنْ قُبح عيبهِ ... وينظُرُ عَنْ فهمٍ عيوب سِواهُ

ابن النّجّار: أنشدنا الفَتْح بْن عَبْد السّلام، أَنَا جدّي، أنشدنا رزق الله التّميميّ: أنشدنا الوزير أبو القاسم الحسين بْن عليّ المغربي لنفسه:

وما أمُ خشف خلقته وبَكَّرَتْ ... لتُكسبه طَعْمًا وعادت إلى العُشِ

غدت تَرْتَعي ثمّ انْثَنَتْ لرضاعهِ ... فلم تلقَ شيئًا مِن قوائمه الحمشِ

طافت بذاك القاع وَلْهًا فصادفتْ ... سِباع الفَلا نَهَشَتْه أيما نهشِ

بأوجعَ منّي يومَ ظلّت أناملٌ ... تودّعني بالدّرّ مِن شبك النقشِ

وأجمالهم تَحْدِي وقد بّرح النَّوَى ... كأنّ مطاياهم عَلَى ناظري تمشي

وأعْجبُ ما في الأمر أنْ عشتُ بعدهُمْ ... عَلَى أنّهم ما خلَّفوا فيَّ مِن بطشِ

قَالَ مِهيار الدَّيْلَميّ: لمّا وزر أبو القاسم بْن المغربيّ ببغداد تعظم وتكبَّر ورَهِبَة النّاس، وانقبضتُ عَنْ لقائه، ثم خِفتُ فعلمتُ فيه قصيدتي البائية، ودخلتُ فأنشدتهُ، فرفع طرْفَه إليّ وقال: اجلس أيها الشَّيْخ. فلمّا بلغت إلى قولي:

جاء بك الله عَلَى فترةٍ ... بآيةٍ مَن يَرها يعجبِ

لم تألفِ الأبصارُ مِن قَبْلها ... أن تَطْلُع الشمسُ مِن المغربِ

فقال: أحسنت يا سيّدي. وأعطاني مائتي دينار.

قلت: وكان جدُّهم يُلقب بالمغربيّ لكونه كَانَ كاتبًا عَلَى ديوان المغرب، وأصله بصْريّ. قصد أبو القاسم: فَخْرَ المُلك أبا غالب، وتوصَّل إلي أن وَزَرَ سنة أربع عشرة. وكان بليغًا مفَّوهًا مترسّلًا، يتوقَّد ذكاءً.

ومن شِعْره:

تأمَّل مَنْ أهواهُ صُفرة خاتمي ... فقال: حبيبي، لِمْ تجنبتَ أحمَره؟

فقلت لَهُ: مِن أحمرٍ كَانَ لونُهُ ... ولكْن سَقَامي حلَّ فيه فغيّره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015