بالبافي1، نزيل بغداد، تفقه عَلَى أَبِي عَلِيّ بْن أَبِي هُرَيْرَةَ المَرْوَزِي، وبرع فِي المذهب، وكان ماهرًا بالعربيّة، حاضر البديهة، حلو النَّظْم، وهو من أصحاب الوجوه، تفقّه بِهِ جماعة.

قَالَ الخطيب: أنشدنا أَبُو القاسم التنوخي، أنشدني أبو مُحَمَّد البافي لنفسه:

ثلاثة ما اجتمعن فِي رَجُل ... إلا وأسلمنه إلى الْأجلِ

ذلّ اغترابٍ وفاقةٍ وهَوَى ... وكلّ سائق عَلَى عَجَلِ

يا عاذل العاشقين إنّك لو ... أنصفت رفهتهم عَنِ العذْلِ

وقصد البافي صديقًا فلم يجده، فطلب دواةً، وكتب لَهُ:

قد حضرنا وليس يقضي التلاقي ... نسأل اللَّه خيرَ هذا الفراقِ

إن تغِبْ لم أغِبْ وإن لم تغب غبـ ... ـت وكان افتراقنا باتّفاقِ

أثنى عَلَيْهِ الخطيب وقَالَ: كان من أفقه أهل وقته فِي المذهب، بليغ العبارة مع عارضة وفصاحة، يعمل الخُطَب، ويكتب الكُتُب الطويلة، من غير روّية.

تُوُفِّي البافي، رحمه اللَّه، فِي المحرَّم.

241- عَبْد الواحد بْن نصر بْن مُحَمَّد، أَبُو الفرج المخزومي النَّصِيبي الشاعر2، المعروف بالبَبَّغَاء، خدم سيفَ الدولة بْن حمدان.

قَالَ الخطيب: كَانَ شاعرًا مجودًا، وكاتبًا مترسِّلا، جيّد المعاني، حَسَنَ القول فِي المديح والغزل، ومن شعره:

يا من تشابه من الخَلْق والخُلُق ... فما تسافِر إلا نحوَه الحَدَقُ

توريدُ دمعي من خدَّيك مختلس ... وسُقْمُ جسمي من جَفْنَيْك مُسْتَرَقُ

لم يبق لي رَمَقٌ أشكو إليك بِهِ ... وإنما يتشكّى من بِهِ رَمَقُ

وله:

استودعُ اللَّه قومًا ما ذكرتهم ... إلا وضعت يدي لَهْفًا عَلَى كبدي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015