والناس لادم، وإن كَانَ العهد قد تَقَادَم، وتركبت الأضداد، واختلاف البلاد، والشيخ يقول: فسد الزمان، وأفلا يَقُولُ: مَتَى كَانَ صالحًا فِي الدّولة العباسية، فقد رأينا آخرها، وسمعنا أوّلها أم المدّة المَرْوَانية، وفي أخبارها.

لا تكسع الشول بأغبارها ... أم السّنين الحربيّة

والسيف يُعقَد فِي الطّلى ... والرُّمْحُ يُركز فِي الكلَى

ومبيت حجر بالمَلا ... وحرتان وكربلا

أم البيعة الهاشميّة، والعشرة برأس من بني فِراس، أَم الْأيّام الْأمَوية، والنّفير إلى الحجاز، والعيون تنظر إلى الْأعجاز، أم الْأمارة العَدَوِيّة، وصاحبها يَقُولُ: هَلُمّ بعد البزول إلى النزول، أم الخلافة التَيْميّة، وهو يَقُولُ: طُوبى لمن مات فِي نأنأة الْإسلام، أَمْ عَلَى عهد الرسالة ويوم الفتح، قِيلَ: اسكُني يا فلانة، فقد ذهبت الْأمانة. أَمْ فِي الجاهلية، ولَبِيدُ فِي خَلْفٍ كجِلْد الْأجرب، أمْ قبل ذَلِكَ، وأخو عادٍ يَقُولُ:

إذ النّاس ناسٌ ... والبلاد بلاد

أمْ قبل ذَلِكَ، وآدم فيما يقول:

تغيرت البلاد ومَن عليها

أمْ قبل ذَلِكَ والملائكة تَقُولُ: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 30] ما فسد النّاس، إنّما اطّرد القياس، لا أظلمت الأيام، إنما امتدّ الظلام، وهل يفسد الشيء إلا عَنْ صَلاح، ويُمسي المرء إلا عَنْ صباح؟ وإنّي عَلَى توبيخ شيخنا لي، لَفَقِيرٌ إلى لقائه، شفيق عَلَى بقائه، مُنْتَسِبٌ إلى ولائه، شاكر لآلائه، لا أجْلُ حريدًا عَنْ أمره، ولا أقْلُ بعيدًا عَنْ قلبه، وما أُنْسِيتُه ولا أنساه.

إن له علي كل نعمة خولنيها اللَّه ثارا ... وعَلَى كل كلمة علّمنيها اللَّه منارا

ولو عرفت لكتابي موقعًا من قلبه، لاغتنمت خدمته بِهِ، ولَرَدَدْتُ إِلَيْهِ سُؤْر كاسه وفضل أنفاسه، ولكني خشيت أن يَقُولُ: هذه بضاعتنا رُدَّت إلينا.

وله، أيّده اللَّه العُتْبَى والمَوَدَّة فِي القُرْبى، والمرباع، وما نالَه الباع، وما ضمّه الجلد، وضمّنه المشط. ليست رضًى، ولكنها جلّ ما أملك اثنتان، أيّد اللَّه الشَّيْخ الإمام، الخراسانية والإنسانية، وإن لم أكن خُرَاسانيّ الطّينة، فإنّي خراساني المدينة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015