قَالَ أَبُو عَلِيّ بْن شاذان: تقلد الطائع لله الخلافة فِي ذي القعدة سنة ثلاث وستين وثلاثمائة، وقبضوا عَلَيْهِ فِي شعبان سنة إحدى وثمانين، وبقي إلى هذه السنة، فتوفي فيها. قَالَ: ورأيته رجلا مرْبُوعًا، كبير الْأنف، أبيض الشعر1.

قَالَ أَبُو الفرج بْن الْجَوْزِي2: ولما وُلِّي الطائع ركب وعليه البُرْدَة، ومعه الجيش، وبين يديه سُبُكْتِكين، فِي تاسع عشر ذي القعدة، وخلع من الغد عَلَى سُبُكْتِكين خِلَعَ السّلطنة، وعقد لَهُ اللواء، ولقّبه نصر الدولة، وحضر عيد الْأضحى، فركب الطائع إلى المصلَّى، وعليه قباء وعمامة، وخطب خطبة خفيفة، بعد أن صلّى بالنّاس، ثم إنّ عزّ الدولة "أدخل يده"3 فِي إقطاع سُبُكْتِكين، فجمع سُبُكْتِكين، الْأتراك الذين ببغداد، ودعاهم إلى طاعته، فأجابوه، وراسل أبا إسحاق معز الدولة يعلمه بالحال ويطعمه أن يعقد لَهُ الْأمر، فاستشار أمَّه، فمنعته، فصار إليها من بغداد جماعة، فصوَّبوا لها محاربة سُبُكْتِكين فحاربوه فهزمهم، واستولى عَلَى ما كَانَ ببغداد لعزّ الدّولة، ونادت العامّة بنصر سُبُكْتِكين، فبعث إلى عزّ الدولة يَقُولُ: إنّ الْأمر قد خرج عَنْ يدك، فأفرج لي عَنْ واسط وبغداد، وليكونا لي، ويكون لك الْأهواز والبصْرة، ودع الحرب.

وكتب عزّ الدولة إلى عَضُد الدولة يستنجده، فتوانى، وصار النّاس حزبين، وأهل التشيع ينادون بشعار عز الدولة، والسنة والديلم ينادون بشعار سُبُكْتِكين، واتّصلت الحروب، وسُفِكَت الدماء، وكشفت الدُّور، وأُحْرِق الكَرْخ حريقًا ثانيا4.

وكان الطائع شديد الحَيْل، قويًّا فِي خلْقه.

"وتقلّد"5 بهاء الدولة بن عضد الدولة بإشارة الْأمراء ومعونتهم. ثم كَانَ فِي دار عَبْد القادر باللَّه مُكَرَّمًا مُحْتَرَمًا، إلى أن مات ليلة عيد الفِطْر، وصلّى عَلَيْهِ القادر باللَّه، وكبّر عَلَيْهِ خمْسًا، وحُمل إلى الرَّصافة، وشيّعه الْأكابر والخَدَم، ورثاه الشريف الرّضِيُّ بقصيدة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015