عَبْد الواحد: وروى ابن بطة، عَنِ النّجّاد، عن أحمد بن عبد الجبار العطاردي، فأنكر عَلَيْهِ عَلِيّ بْن يَنَال، وأساء القول فِيهِ، حتى هَمَّت العامة بأن تنال منه، فاختفى. وكان ابن بطة قد خرَّج تِلْكَ الأحاديث في تصانيفه فتتبعها عَلَى أكثرها.

قَالَ الخطيب: وحدّثني التنوخي قَالَ: "أراد أَبِي"1 أن يخرجني إلى عُكْبَرَا. وسمع من ابن بطة معجم البَغَوي، فجاءه أَبُو عَبْد اللَّه بْن بُكَير، فَقَالَ: لا تفعل، فإن ابن بطة لم يسمعه.

قَالَ الخطيب: وحَدّثَنِي أحْمَد بْن الْحَسَن بْن خَيْرُون قَالَ: رَأَيْت كتاب ابن بطة بمعجم البَغَوي فِي نسخةٍ كانت لغيره، وقد حكّ اسم صاحبها، وكتب اسمه عليها.

قلت: وقد قَالَ ابن الْجَوْزِي2: قرأت بخطّ أَبِي القاسم بْن الفرّاء أخي القاضي أَبِي يَعْلَى قَالَ: قابلت أصل ابن بطة بالمُعْجَم، ورأيت سماعه فِي كل جزء، إلا أنّي لم أر الجزء الثالث أصلا.

قَالَ الخطيب: قَالَ لي الْأزهري، ابن بطة ضعيف، وعندي عَنْهُ "مُعْجَم البَغَوي" ولا أُخرّج عَنْهُ في الصحيح شيئًا.

قلت: فكيف كَانَ؟ قَالَ: لم أر بِهِ أصلا؟ وإنما وقع إلينا نسخة طريّة بخطّ ابن شهاب، فنسخنا منها، فقرأنا عَلَيْهِ. شاهدت عند حمزة بْن مُحَمَّد بْن طاهر الدّقّاق نسخة بالغريب لمحمد بْن عزيز، وعليها سماع ابن السوسنجردي عن ابن بطة عَنِ ابن عزيز، فسألت حمزة، فأنكر أن يكون ابن بطة سَمِعَ الكتاب، وقَالَ: ادّعى سماعه.

قَالَ الْخَطِيبُ: وَرَوَى ابْنُ بَطَّةَ كُتُبَ ابْنِ قُتَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ الدِّينَوَرِيِّ، وَابْنُ أَبِي مَرْيَمَ هَذَا لا نَعْرِفُهُ أَخَذَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلا رَوَى عَنْهُ سِوَى ابْنِ بَطَّةَ، وَرَوَى ابْنُ بَطَّةَ فِي الْأبَانَةِ فَقَالَ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، ثَنَا ابْنُ عَرَفَةَ، نَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَلَّمَ اللَّه مُوسَى، يَوْمَ كَلَّمَهُ، وَعَلَيْهِ جُبَّةُ صُوفٍ وَنَعْلانِ مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ غَيْرِ ذَكِيٍّ، فَقَالَ: مَنْ ذَا الْعِبْرَانِيُّ الَّذِي يُكَلِّمُنِي مِنَ الشَّجَرَةِ؟ قَالَ: أَنَا اللَّه". تفرد به ابن بَطَّةَ، وَبِهَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي آخِرِهِ، وَهُوَ فِي جزء ابن عرفة بدونهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015