كَانَ بطلا شجاعًا جوادًا، فوُلّي بعد أَبِيهِ باديس لعمّه حمّاد عَلَى ولاية أشْتَر، فعظُم حمّاد وكثُر عسكره، ثم عصى عَلَى ابن أخيه، ثم اقتتلا سنة ستٍ وأربعين، فانهزم حمّاد، ومات باديس بعد أشهر، فقاتل المُعِزُّ بن باديس حمادًا، فانهزم أيضًا، وفي بيته ملوك أنشئوا بجاية.
233- ميمون بْن عَبْد الغفّار بْن حَسْنَوَيْه، أَبُو سَعِيد الْمَصْرِيّ. تُوُفِّي عَنْ نَيِّف وستّين سنة.
234- أَبُو منصور العزيز باللَّه بْن المُعِزّ باللَّه أَبِي تميم مَعَدّ بْن المنصور باللَّه أَبِي الطاهر إِسْمَاعِيل1 بْن القائم بأمر اللَّه مُحَمَّد بْن العُبَيْديّ. إنهم علَوِيُّون فاطميّون، وهذا هُوَ صاحب مصر والشام والغرب، ووالد الحاكم. وُلّي المملكة بعد والده فِي ربيع الآخر سنة خمس وستين وثلاثمائة، وله إحدى وعشرون سنة. وكان كريمًا شجاعًا، حسن الصّفح.
قَالَ المسبحي: وفي أيامه بُني قصر البحر بالقاهرة الَّذِي لم يكن مثله لا فِي شرق ولا غرب، وقصر الذَّهَب، وجامع القرافة. كان أسمر، أصْهَب الشَعر، أَعْيَن أَشْهَل، بعيد ما بين المنكبين، حَسَن الخَلْق، قريبًا من الناس، لا يؤثر سَفْك الدماء، وكان مُغرًى بالصَّيْد، ويتصيّد السِّباع، وكان أديبًا فاضلا، فذكر لَهُ أَبُو منصور الثَّعَالِبي فِي "يتيمة الدهر" هذه الأبيات:
نحن بنو المصطفى ذوو مِحَن ... تجرعها فِي الحياة كاظِمُنا
عجيبةٌ فِي الْأنام محْنَتُنا ... أَوَّلُنا مُبْتَلًى وخاتمُنا
يفرح هذا الورى بعيدهم ... طُرًّا وأعيادنا مآتمنا
وكان قد مات لَهُ ابن فِي العيد، فَقَالَ هذا. ثم قَالَ أَبُو منصور: سَمِعْتُ الشَّيْخ أَبَا الطّيّب يحكي أنّ الْأمويّ صاحب الْأندلس كتب إِلَيْهِ نزار صاحب مصر كتابًا يسبّه فِيهِ ويَهْجُوه، فكتب إِلَيْهِ: أما بعد، فإنّك قد عرفتنا فَهَجَوْتَنا، ولو عرفناك لأجبناك قَالَ: فاشتدّ ذَلِكَ عَلَى نزار، وأفحمه عَنِ الجواب، يعني أَنَّهُ دَعِيٌّ لا يعرف قبيلته، حتى كان يهجوه.