وقد وقع لنا بحمد اللَّه من طريقه رواية حفص السوسي بعلو، من قراءتي عَلَى أصحاب الصَّفْراوي عَنْهُ.
إلا أنّ السَّامريّ قد تكلم فيه بعضهم، فقال محمد بن عَلِيّ الصُّوري: قَالَ أَبُو القاسم "العُنّابي"1 البزّاز: كنّا يومًا عند أَبِي أحْمَد المقرئ فحدّثنا عَنْ أَبِي العلاء مُحَمَّد بْن أحْمَد الوكيعي، فاجتمعت بأبي مُحَمَّد عَبْد الغني بْن سَعِيد، فذكرت ذَلِكَ لَهُ، فاستعظمه، وقَالَ: سَلْه مَتَى سمع منه؟ فرجعت إليه، فقال: سمعت منه بمكة في الموسم، سنة ثلاثمائة، فأتيت عبد الغني فأخبرته، فَقَالَ: أَبُو العلاء مات عندنا فِي أول سنة ثلاثمائة. ثم عبرت معه بعد مدة، وَأَبُو أحْمَد قاعد يُقرئ، فقلت لَهُ: لا أسلّم عَلَى من يكذب فِي حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقَالَ صاحب العنوان: إنه قرأ لأبي الحارث اللَّيْث عَنِ الكسائي، عَلَى عبد الجبار الطرسوسي، عن قراءته عَلَى أَبِي أحْمَد السامريّ، وتلا أَبُو أحْمَد برواية المذكور عَلَى مُحَمَّد بْن يحيى الكسائي الصغير، عن قراءته عَلَى اللَّيْث.
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه القصّاع: كذا نقل الجماعة عَنْ أَبِي أحْمَد أَنَّهُ قرأ عَلَى مُحَمَّد بْن يحيى، وهو وَهْمٌ، لأنّه تُوُفِّي سنة ثمانين ومائتين، وولد أَبُو أحْمَد بعد موته بنحو خمس عشرة سنة.
وقَالَ الخطيب: قَالَ الصُّوري: وقد ذكر أَبُو أحمد أنه قرأ على محمد بن يحيى الكِسَائي، فكان الْأمر من ذَلِكَ بعيدًا.
قلت: وهذا وَهْم، وقع لأبي أحْمَد رجع عَنْهُ، وأنمّا يروي هذه القراءة عَنْ مجاهد تلاوة عَنْ مُحَمَّد بْن يحيى سماعًا لحروفها، وكذا رَوَاهُ لأبي عمرو الداني فِي جامع البيان، فَقَالَ: قرأت بها عَلَى شيخنا أَبِي الفتح، وقَالَ: قرأت عَلَى عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن، قال: قرأت على ابن مجاهد، قَالَ: أخبرني مُحَمَّد بْن يحيى الكِسَائي، عَنِ اللَّيْث بْن خَالِد، عَنِ الكِسَائي.
قلت: وَأَبُو الفتح من أثبت القُرّاء وأتقنهم، وأما أَبُو القاسم الْجَدَلي، وابْن الفحّام، وغيرهما ممّن عنده طرق أَبِي أحْمَد، فلم يذكروا قراءة أبي أحمد عن محمد