تَبُوكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَتَهُبُّ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَلَا يَقُمْ فِيهَا أَحَدٌ مِنْكُمْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيَشُدَّ عِقَالَهُ". فَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَقَامَ رجل فحملته الريح حتى ألقته بجبلي طيئ.

وَجَاءَ ابْنُ الْعَلْمَاءِ صَاحِبُ أَيْلَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكِتَابٍ، وَأَهْدَى لَهُ بَغْلَةً بَيْضَاءَ, فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَهْدَى لَهُ بُرْدًا, ثُمَّ أَقْبَلْنَا حَتَّى قَدِمْنَا وَادِيَ الْقُرَى، فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَرْأَةَ عن حديقتها كم بلغ ثمرها، فقالت: بَلَغَ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ. فَقَالَ: "إِنِّي مُسْرِعٌ فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيُسْرِعْ". فَخَرَجْنَا حَتَّى أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ. فَقَالَ: "هَذِهِ طَابَةٌ، وَهَذَا أُحُدٌ، وَهُوَ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 أَطْوَلَ مِنْهُ؛ وَلِلْبُخَارِيِّ نَحْوُهُ2.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ لله بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين مر بالحجر استقوا مِنْ بِئْرِهَا, فَلَمَّا رَاحُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تَشْرَبُوا مِنْ مَائِهَا، وَلا تَوَضَّئُوا مِنْهُ، وَمَا كَانَ مِنْ عَجِينٍ عَجَنْتُمُوهُ مِنْهُ فَاعْلِفُوهُ الإِبِلَ، وَلا يَخْرُجَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ إِلا وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ". فَفَعَلَ النَّاسُ مَا أَمَرَهُمْ، إِلا رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ؛ خَرَجَ أَحَدُهُمَا لِحَاجَتِهِ وَالآخَرُ لِطَلَبِ بَعِيرٍ لَهُ, فَأَمَّا الَّذِي ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ فَإِنَّهُ خُنِقَ عَلَى مَذْهَبِهِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاحْتَمَلَتْهُ الرِّيحُ حتى طرحته بجبل طيئ, فأخبر بذلك رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَلَمْ أَنْهَكُمْ"؟ ثُمَّ دَعَا لِلَّذِي أُصِيبَ عَلَى مَذْهَبِهِ فَشُفِيَ, وَأَمَّا الآخَرُ فَإِنَّهُ وَصَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ قَدِمَ مِنْ تَبُوكَ. وَهَذَا مُرْسَلٌ مُنْكَرٌ.

وَقَالَ ابْن وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ نَزَلَ بِتَبُوكَ وَهُوَ حَاجٌّ، فَإِذَا رَجُلٌ مُقْعَدٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ أَمْرِهِ، فَقَالَ: سَأُحَدِّثُكَ حَدِيثًا فَلَا تُحدِّثْ بِهِ مَا سَمِعْتَ أَنِّي حَيٌّ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَزَلَ بِتَبُوكَ إِلَى نَخْلةٍ، فَقَالَ: "هَذِهِ قِبْلَتُنَا". ثُمَّ صَلَّى إِلَيْهَا, فَأَقْبَلْتُ، وَأَنَا غُلَامٌ أَسْعَى حَتَّى مَرَرْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، فَقَالَ: "قَطَعَ صَلَاتَنَا، قَطَعَ اللَّهُ أَثَرَهُ". قَالَ: فَمَا قُمْتُ عَلَيْهَا إِلَى يَوْمِي هَذَا.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ مَوْلًى لِيَزِيدَ بْنِ نِمْرَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ نِمْرَانَ، قَالَ: رَأَيْتُ مُقْعَدًا بِتَبُوكَ. فَقَالَ: مَرَرْتُ بَيْنَ يدي النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا على حمار وهو يصلي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015