أجلسه بجنبه، فأراد بعضُ أصحابه أن يُرِيَ الناس أن الشبليّ جاهل فقال: يا أبا بكر، إذا اشتبه على المرأة دَم الحيض بدم الاستحاضة كيف تصنع؟ فأجاب الشبليّ بثمانية عشر جوابًا. فقام أبو عمران وقبل رأسه وقال: مِن الأجوبة ستة ما كنتُ أعرفها. رواها أبو عبد الرحمن السلمي عن أحمد بن محمد بن زكريا، عن أحمد بن عطاء. وقيل: إنه أنشد:

يقول خليلي: كيف صبرُكَ عنهم؟ ... فقلتُ: وهل صبرٌ فيسأل عن كيف

بقلبي جَوَيً أذْكَى من النّار حَرُّهُ ... وأصلى من التقوى وأمضى من السيف

وقيل: إنه سأله سائل: هل يتحقَّق العارف بما يبدو له؟ فقال: كيف يتحقق بما لا يثبت، وكيف يطمئنّ إلى ما لا يظهر، وكيف يأنس بما لا يخفى. فهو الظاهر الباطن الظّاهر. ثم أنشد:

فمن كان في طول الهوى ذاق سلوة ... فإني من ليلى لها غير ذائق

وأكبر شيءٍ نلتهُ من نوالها ... أماني لم تصدق كلمحَةِ بارق

وكان رحمه الله لهجًا بالغزال والمحبّة، فمن شعره:

تغني العودُ فاشتقنا ... إلى الأحباب إذ غنّا

أزور الدَّير سكرانًا ... وأغدوا حاملًا دنّا

وكنا حيثُ ما كانوا ... وكانوا حيث ما كنا

أحبرنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ: أَنَا ابْنُ الْحَرَسْتَانِيُّ، أنا علي بن مسلم، أنا ابن طلاب، أَنَا ابن جُمَيْعٍ: أنشدنا الشبليّ:

خرجنا السنَّ نستنّ ... ومعَنا من تري منّ

فلما جننا الليل ... بذلنا بيننا دنّ

وكان للشبليّ في ابتدائه مجاهدات فوق الحدّ. قال أبو علي الدقاق: بلغني أنه كحل عينيه بكذا وكذا من الملح ليعتاد السَّهر. ويروى أنّ أباه خلف له ستين ألف دينار سوي الأملاك، فأنفق الجميع، ثمّ قعد مع الفقراء.

وقال أبو عبد الله الرازيّ: لم أر في الصوفيّة أعلم من الشبليّ. قال السلمي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015