الرزق، فمد يده إليهما ظنًا منه أنهما يريدان تقبيلها، فجذباه من السرّير طرحاه على الأرض، وجرّاة بعمامته. وهجم الديلم دار الخلافة إلى الحُرم. ونهبوا وقبضوا على القهرمانة وخواص الخليفة.
ومضى معز الدّولة إلى منزله، وساقوا المستكفي ماشيًا أليه، ولم يبق في دار الخلافة شيء1. خلع المستكفي، وسُملت يومئذٍ عيناه2. وكانت خلافته سنة وأربعة أشهر ويومين. وتوفي بعد ذلك في سنة ثمانٍ وثلاثين وعمره ست وأربعين سنة.
خلافة المطيع لله:
ثمّ إنهم أحضروا أبا القاسم الفضل بن المقتدر جعفر وبايعوه بالخلافة، ولقبّوه المطيع لله، وسنُّه يومئذٍ في أربع وثلاثين سنة. ثمّ قدموا ابن عمّه المستكفي، فسَّلم عليه بالخلافة، وأشهد على نفسه بالخلع قبل أن يُسمل3.
ثم صارد المطيع خواصّ المستكفي، وأخذ منهم أموالًا كثيرة، ووصَلَ العباسّيين والعلويّين في يوم، مع إضاقته، بنيفٍ وثلاثين ألف دينار4. وقَّرر له معُزِ الدّولة كل يوم مائة دينار ليس إلًا نفقة.
الغلاء ببغداد:
وعظمُ الغلاء ببغداد في شعبان، وأكلوا الِجيَف والرَّوْث، وماتوا على الطُرقُ، وأكلت الكلاب لحومهم، وبيعَ العقار بالرُّغفان، وُوجدت الصّغار مشوية مع المساكين، وهربَ الناس إلي البصرة وواسط، فمات خلق في الّطِرقَات5. وذكر ابن الْجَوْزيّ أنه أشُتري لمُعزّ الدّولة كُرّ دقيق بعشرين ألف درهم. قلتُ: الكُرّ سبعة عشر قنطارًا بالدمشقي لأنًّ الكُرّ أربعٌ وثلاثون كارة. والكارة خمسون رطلًا بالدمشقي6.