قَالَ: فَبَلَغَهُ ذَلِكَ، فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ وَقَالَ: "أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَذْهَبُوا برسول الله صلى الله عليه وسلم تَحُوزُونَهُ إِلَى بُيُوتِكُمْ"؟ قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ! رَضِينَا. فَقَالَ: "لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا، لأَخَذْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1.

وَقَالَ شُعَيْبٌ، وَغَيْرُهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي أَنَسٌ، أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ حِينَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ مَا أَفَاءَهُ، فَطَفِقَ يُعْطِي رِجَالا مِنْ قُرَيْشٍ الْمِائَةَ مِنَ الإِبِلِ، فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ، يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَدَعُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ. فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، وَلَمْ يَدْعُ مَعَهُمْ أَحَدًا غَيْرَهُمْ. فَلَمَّا اجْتَمَعُوا قَالَ: "مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ"؟ فَقَالَ لَهُ فُقَهَاؤُهُمْ: أَمَّا ذَوُو رَأيِنَا فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا. فَقَالَ: "فَإِنِّي أُعْطِي رِجَالا حَدِيثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ أَتَأَلَّفُهُمْ, أَفَلا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالأَمْوَالِ، وَتَرْجِعُونَ إِلَى رِحَالِكُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ مَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ". قَالُوا: قَدْ رَضِينَا. فَقَالَ: "إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ بَعْدِي أَثَرةً شَدِيدَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ عَلَى الْحَوْضِ". قَالَ أَنَسٌ: فَلَمْ نَصْبِرْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْمُتَأَلَّفِينَ مِنْ قُرَيْشٍ، وَفِي سَائِرِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الأَنْصَارِ مِنْهَا قَلِيلٌ وَلا كَثِيرٌ، وَجَدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ. وَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ أَنَسٍ.

وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ جَدِّهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ مِنْ سَبْيِ حُنَيْنٍ، كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ, فَأَعْطَى أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ مِائَةً، وَأَعْطَى صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ مِائَةً, وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ مِائَةً، وَأَعْطَى الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً، وَأَعْطَى عَلْقَمَةَ بْنَ عُلاثَةَ مِائَةً، وَأَعْطَى مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ النَّصْرِيَّ مِائَةً، وأعطى العباس بن مرداس دون المائة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015