وكانت ابنة السمّريّ صاحب الحلاج قد أقامت عنده في دار السّلطان مدّة، وكانت عاقلة حسنة العبارة. فدعاها حامد فسألها عن أمره فقالت: قال لي يومًا: قد زوّجْتُك من سليمان ابني وهو بنَيْسابور، وليس يخلو أن يقع بين المرأة وزوجها "خلاف"، فإنْ جرى منه ما تكرهينه، فصُومي يومك، واصعدي آخر النّهار إلى السطح، وقومي على الرماد، وأَفْطري على المِلْح، وأذكُري ما أنكرتيه منه، فإنّي أسمع وأرى1.

قالت: وكنتُ نائمةً لَيْلَةٍ وهو قريب منّي، وابنته عندي، فما حسست به إلّا وقد غشيَني، فانتبهتُ فَزعةً فقلت: ما لك؟ قال: إنّما جئت لأوقظك للصّلاة.

وقالت لي بنته يومًا: اسجدي له.

فقلت: أويسجد أحدُ لغير الله؟ وهو يسمع كلامنا، فقال: نعم إله في السّماء وإلهُ في الأرض2.

وذكر القصّة إلى أن قال: فسلّمه حامد الوزير إلى صاحب الشرطة وقال: اضربه ألف سَوْط، فإنْ ماتَ فحُزّ رأسه وأحرِق جثَّته، وإنْ لم يتلف فاقطع يديه ورجليه، وأحرق جسده، وانصب رأسه على الْجِسْر. فَفُعِلَ به ذلك، وبعث برأسه إلى خُراسان، وطيف به، وأقبل أصحابه يعدّون أربعين يومًا ينتظرون رجوعه3.

وزعم بعضهم أنّه لم يُقْتَلْ، وأنّ عدوًا له ألقي عليه شبهة4.

وبعضهم ادَّعى أنّه راه في غد ذلك اليوم في طريق النّهْروان راكبًا على حمار وهو يقول: قولوا لهؤلاء البقر الّذين ظنُّوا أنّني أنا الّذي قُتلتُ ما أنا ذاك5.

وأحضر حامد الورّاقين واستحلفهم أن لَا يبيعوا شيئًا من كُتُب الحلاج ولا يشترونها.

وقيل: إنّ الحلاج لم يتأوه في ضربه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015