وفيه: فأما ما ذكره عنّا من انفرادنا عن الجماعة، فنحن، أيّدك الله، لم نَنْفرد عن الطّاعة والجماعة، بل أفرِدْنا عنها، وأُخْرِجْنا من ديارنا، واستحلّوا دماءَنا، ونحنُ نشرح للوزير حالنا: كان قديمُ أمرنا أنّا كنّا مستورين مُقْبلين على تجارتنا ومعايشنا، نُنَزَّه أنفسنا عن المعاصي، ونحافظ على الفرائض، فَنَقَمَ علينا سُفهاء النّاس وفُجّارهم ممّن لَا يُعْرَف بِدِين، وأكثروا التَّشنيعَ علينا حتّى جمع النّاس علينا، وتظاهروا وشهدوا علينا بالزُّور، وأنّ نِساءَنا بيننا بالسَّويّة، وأنّا لَا نحرِّم حرامًا، ولا نحلِّل حلالًا، فخرجنا هاربين، ومَن بقيَ منّا جعلوا في رقابهم الحبال والسّلاسل.. إلى أن قال: فأجْلونا إلى جزيرة، فأرسلنا إليهم نطلب أموالنا وحُرمنا، فمنعوناها، وعزموا على حربنا، فحاكمناهم إلى الله، وقال تعالى: {وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ} [الحج: 60] فنصرنا الله عليهم. وأمّا ما أدُّعى علينا من الْكُفْرِ وترك الصّلاة فنحن تائبون مؤمنون باللَّه. فكتب الوزير يعدهم الإحسان.
مسير المهدي صاحب إفريقية إلى لِبْدة:
وفيها سار المهديّ صاحب إفريقيّة يريد مصر في أربعين ألفًا من البربر في البر والبحر، ونزل لِبْدَة، وهى من الإسكندريّة على أربعة مراحل. وكان بمصر تَكين الخاصّة، ففجّر النّيل، فحال الماء بينهم وبين مصر1.
وقعة برقة:
قال المُسَبّحيّ: فيها كانت وقعة بَرْقَةَ، وكان عليها المنصور، فسلّمها وانهزم إلى الإسكندرية2.
حرب حَبَاسة الكُتامّي والعباسيّين بمصر:
وفيها: سار أبو داود حَبَاسَة بن يوسف الكتاميّ البربريّ في جيشٍ عظيم قاصدًا إلى مصر مقدّمةً بين يدي القائم محمد، فوصل إلى الجيزة، وهَمّ بالدُّخول إلى مصر فغلط المخاضة ونُذِر به، فخرج إليه عسكر، فحالوا بينه وبين الدخول، وأعانهم زيادة