وثنا أبو عَمْرو بْن حمدان قَالَ: كان أبو حَفْص حدّادًا، فكان غلامه ينفخ عليه الكير مرَّةً، فأدخل يده وأخرج الحديد من النّار، فغُشِي على غلامه، وترك أبو حَفْص الحانوت، وأقبل على أمره.

وقِيلَ إنّ أَبَا حَفْص دخل على مريضٍ، فقال المريض: آه.

فقال أبو حَفْص: مِمَّنْ؟ فسكت، فقال: مع من؟ قَالَ المريض: فكيف أقول؟ قَالَ: لا يكن أَنِينُك شَكْوى، ولا سُكوتك تجلُّدًا، ولْيكُنْ بين ذلك.

وعن أبي حَفْص قَالَ: حرست قلبي عشرين سنة، ثُمَّ حرسني عشرين سنة، ثُمَّ ورَدَ عليَّ وعليه حالةٌ صِرْنا محروسين جميعًا.

قَيِل لأبي حَفْص: من الوَليّ؟ قَالَ: من أيِّد بالكرامات، وغيِّب عَنْهَا1.

قَالَ الخُلْديّ: سمعت الْجُنَيْد ذكر أَبَا حَفْص قَالَ أبو نصر صاحب الحلّاج: نعم يا أَبَا القاسم، كانت له حال إذا لبسته مكث اليومين والثالثة لا يمكن أحدٌ أنْ ينظر إليه. وكان أصحابه يخلّونه حَتَّى يزول ذلك عَنْهُ.

وبلغني أنّه أنْفَذَ فِي يومٍ واحدٍ بضعةَ عشر ألف دينار يشتري بها الأسرى من الدَّيلم، فلمّا أمس لم يكن له ما يأكله.

ذكر المُرْتَعِشُ قَالَ: دخلنا مع أبي حَفْص على مريضٍ، فقال له: ما تشتهي؟ قَالَ: أن أبرأ.

فقال لأصحابه: احملوا عَنْهُ.

فقام المريض وخرج معنا، وأصحابنا كلّنا نُعادُ فِي الفِراش2.

قَالَ الُّسلميّ فِي تاريخ الصُّوفيّة: أبو حَفْص من قرية كُوردَابَاذ على باب نيسابور، وكان حدّادًا.

وهو أوّل من أظهر طريقة التّصوفّ بنيسابور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015