وقَالَ إِسْحَاق بْن راهَوَيْه: كلّ حديث لا يعرفه أبو زُرْعة الرّازيّ ليس له أصل وقَالَ أبو الْعَبَّاس السّرّاج: لمّا انصرف قُتَيْبَةُ إِلَى الرِّيّ من بغداد سألوه أن يحدّثهم، فقال: أحدّثكم بعد أن أحضر مجلسي أَحْمَد بْن حنبل، ويحيى بْن مَعِين، وعليّ بْن المَدِينيّ.

قَالُوا: فإنّ عندنا غلامًا يسرد كلُّ ما حدَّثت به مجلسًا مجلسًا، قم يا أبا زرعة. فقام فسرد كل ما حددث به قُتَيْبَةُ.

وقَالَ فَضْلك الصّائغ: دخلت المدينة فصرت إِلَى باب أبي مُصْعَب فخرج إليَّ شيخ مخضوب، وكنتُ أَنَا ناعسًا، فحرّكني وقَالَ: يا مردريك من أَيْنَ أنت، إيش تنام؟

فقلت: أصلحك الله من الرِّيّ، من شاكرديّ أبي زُرْعة.

فقال: تركتَ أَبَا زُرْعة وجئتني! لقيت مالكًا وغيرَه، فَمَا رأت عيناي مثلَه.

قَالَ فَضْلَك: فدخلت على الرَّبِيع بمصر فقال: إنّ أَبَا زُرْعة آية. وإنّ الله تعالى إذا جعل إنسانًا آية من شكْله حَتَّى لا يكون له ثانٍ1.

وقَالَ ابنُ أبي حاتم: نا أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل ابنُ عمّ زُرْعة أنّه سمع أَبَا زُرْعة يقول فِي مرضه الَّذِي مات فِيهِ: اللَّهُمَّ إنّي أشتاق إِلَى رؤيتك، فإنْ قَيِل لي: بأيّ عمل اشتقت إلىّ؟ قلت: رحمتك يا ربّ.

وقد كان أبو زُرْعة يحطّ على أَهْل الرّأي ويتكلَّم فيهم.

قَالَ ابنُ أبي حاتم: سَمِعْتُ أبا زُرْعة يقول: لي السَّريّ بْن مُعاذ، يعني الأمير: لو أنّي قبلت لأعطيت مائة ألف درهم قبل اللّيل فيك وَفِي ابنُ مُسْلِم من غير أن أحبسكم ولا أضربكم، بل أمنعكم من التّحديث.

سمعتُ أَبَا زُرْعة يقول: لو كَانَتْ لي صحّةُ بدنٍ على ما أريد كنت أتصدَّق بمالي كلّه، وأخرج إلى الثُّغور، وآكل من المباحات وألْزَمُها. ثُمَّ قَالَ: إنّي لَألْبَس الثّياب لكي إذا نظر النّاس إليَّ يقولون قد ترك أبو زُرْعة الدُّنيا ولبس الثياب الدُّون. وإنّي لآكل ما يقدَّم إليَّ من الطّيّبات لكيلا يقولوا: إنّه لا يأكل الطّيّبات لزهده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015