بالقرآن مخلوق فهو كذّاب، فإنيّ لم أقُلْه. إلَا إني قلت: أفعال العباد مخلوقة1.
وقال حاتم بْن أَحْمَد الكنديّ: سَمِعْتُ مسلم بْن الحَجّاج يَقُولُ: لمّا قدِم محمد بْن إِسْمَاعِيل نَيْسابور ما رَأَيْت والياُ ولا عالمًا فَعَل بِهِ أهل نَيْسابور ما فعلوا بِهِ. أستقبلوه مرحلتين وثلَاثة. فقال محمد بْن يحيى: مَن أراد أنْ يستقبل محمد بْن إِسْمَاعِيل غدًا فلْيستقبلْه. فاستقبله محمد بْن يحيى وعامّة العُلَماء، فقال لنا الذُّهْليّ: لَا تسألوه عَنْ شيء مِن الكلَام، فإنّه إنّ أجاب بخلَاف ما نَحْنُ عَلَيْهِ وقع بيننا وبينه، ثمّ شمتَ بنا كلُّ حَرُورِيٍّ2، وكلُّ رافضيٍّ3 وكلُّ جَهْميٍّ4، وكلُّ مُرْجئٍ5 بخُراسان.
قَالَ: فازدحم النّاس عَلَى محمد بن إسماعيل حتى امتلأ السَّطْح والدّار فلمّا كَانَ اليوم الثاني أو الثالث قام إليه رَجُل، فسأله عَنِ اللفظ بالقرآن، فقال: أفعالنا مخلوقة، وألفاظنا من أفعالنا. فوقع بينهُمُ اختلَاف، فقال بعض النّاس: قَالَ لفْظي بالقرآن مخلوق. وقال بعضهم: لمَ يقل. حتّى تواثبوا، فاجتمع أهلُ الدّار وأخرجوهم. وكان قد نزل فِي دار البخاريّين6.
وقال أَحْمَد بْن سَلَمَةَ: دخلتُ عَلى الْبُخَارِيّ فقلت: يا أَبَا عَبْد اللَّه، هذا رجلٌ مقبول، خصوصًا في هذه المدينة، وقد لَجَّ فِي هذا الحديث حتّى لَا يقدر أحد منا أنْ يكلمّه، فما ترى؟ فقبضَ عَلِيّ لحيته ثمّ قَالَ: فأُفَوِّض أمري إلى اللَّه، إنّ اللَّه بصير بالعباد. اللهمّ إنّك تعلم أنيّ لم أَرِدِ المقام بَنْيسابور أَشَرًا ولا بَطَرًا ولا طلبًا للرّئاسة. وإنما أَبَتْ عَلَيّ نفسي فِي الرُّجُوع إلى وطني لِغَلَبَةِ المخالفين. وقد قصدني هذا الرّجل حسَدًا لِما آتاني اللَّه لَا غير. يا أَحْمَد إنيّ خارج غدًا ليتخلصوا من "حديثه لأجلي"7.
قال: فأخبرتُ أصحابنا، فوالله ما شيّعه غيري. كنت معه حين خرج من البلد